للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ذلك كان في الصعيد الأعلى واثنين وعشرين ذراعا، لارتفاع البقاع التي يمر عليها، ويسوق الري إليها، فإذا انتهت زيادته فتحت خلجانات وترع، فيخرج الماء يمينًا وشمالا إلى الأرض البعيدة عن مجرى النيل؛ حكمة دبرت بالعقول السليمة وقدرت، ومنافع مهدت في الزمن القديم وقررت.

وللنيل ثماني خلجانات: خليج الإسكندرية، وخليج دمياط، وخليج منف، وخليج المنهى -حفره يوسف عليه السلام- وخليج أشموم طناح، وخليج سردوس -حفره هامان لفرعون- وخليج سخا، وخليج حفره عمرو بن العاصي زمن عمر بن الخطاب. ويحصل لأهل مصر يوم وفائه الستة عشر ذراعا التي هي قانون الري سرور شديد بحيث يركب الملك في خواص دولته الحراريق المزينة إلى المقياس، ويمد فيه سماطا ويخلق العمود الذي يقاس فيه، ويخلع على القياس، ويعطيه صلة مقررة له.

وقد ذكر بعض المفسرين أنه يوم الزينة، الذي وعد فرعون موسى بالاجتماع فيه.

هذا كله كلام مباهج الفكر (١) .

وقد اختلف في ضبط جبل القمر، فقيل: إنه بفتح القاف والميم بلفظ أحد النيرين.

قال التيفاشي: وإنما سمي بذلك؛ لأن العين تقمر منه، إذا نظرت إليه لشدة بياضه. قال: ولذلك أيضا سمى القمر قمرا. قال: وهذا الجبل مستطيل من المشرق إلى المغرب، نهايته في ناحية المغرب إلى حد الخراب، ونهايته في المشرق إلى مثل ذلك، وهو نفسه بجملته في الخراب من ناحية الجنوب، وله أعراق في الهواء، منها طوال ومنها دونها.

قال في مختصر المسالك: وذكر بعضهم أن أناسًا انتهوا إلى هذا الجبل وصعدوه،


(١) نقله صاحب نهاية الأرب ١: ٢٦٤.