للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى لا يرى في إسقاط الجباية خيانة، والله يديم الجناب العالي لقص الأنباء الحسنة عليه، ويمتعه بجلاء عرائس التهاني والأفراح لديه.

وكتب الأديب تقي الدين أبو بكر بن حجة بشارة عن الملك المؤيد شيخ، سنة تسع عشرة وثمانمائة.

ونبدي لعلمه الكريم ظهور آية النيل الذي عاملنا الله فيه بالحسنى وزيادة، وأجراه لنا في طرق الوفاء على أجمل عادة، وخلق أصابعه ليزول الإيهام فأعلن المسلمون بالشهادة، كسر بمسرى (١) فأمسى كل قلب بهذا الكسر مجبورا، وأتبعناه بنوروز (٢) وما برح هذا الاسم بالسعد المؤيدي مكسورا، دق قفا السودان فالراية البيضاء من كل قلع عليه، وقبل ثغور الإسلام فأرشفها ريقه الحلو فمالت أعطاف غصونها إليه، وشبب خريره في الصعيد بالقصب، ومد سبائكه الذهبية إلى جزيرة الذهب، فضرب الناصرية واتصل بأم دينار، وقلنا: لولا أنه صبغ بقوة (٣) لما جاء وعليه ذلك الاحمرار.

وطال الله عمر زيادته فتردد إلى الآثار، وعمته البركة فأجرى سواقي ملكه إلى أن غدت جنة تجري من تحتها الأنهار، وحضن (٤) مشتهي الروضة في صدره، وحنا عليها حنو المرضعات على الفطيم.

وأرشفنا على ظمأ زلالًا ... ألذ من المدامة للنديم

وراق مديد بحره لما انتظمت عليه تلك الأبيات، وسقى الأرض سلافته الخمرية فخدمته بحلو النبات، وأدخله إلى جنات النخيل والأعناب فالق النوى والحب، فأرضع "في أحشاء الأرض" (٥) جنين النبت، وأحيا له أمهات العصف والأب. وصافحته كفوف الموز فختمتها


(١) ط: "جسره".
(٢) ط: "بنوروزه".
(٣) حلية الكميت: "ملئه".
(٤) ط: "وحصن".
(٥) من حلية الكميت.