للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخواتمه العقيقية ولبس الورد تشريفه، وقال: أرجو أن تكون شوكتي في أيامه قوية، ونسي الزهر بحلاوة لقائه مرارة النوى، وهامت به مخدرات الأشجار فأرخت ضفائر فروعها عليه من شدة الهوى، واستوفى النبات ما كان له في ذمة الري من الديون، ومازج الحوامض بحلاوته فهام الناس بالسكر والليمون، وانجذب إليه الكباد وامتد، ولكن قوي قوسه لما حظي منه بسهم لا يرد، ولبس شربوش الأترج وترفع إلى أن لبس بعده التاج، وفتح منثور (١) الأرض لعلامته بسعة الرزق وقد نفذ أمره وراج، فتناول مقالم الشنبر وعلم بأقلامها، ورسم (٢) لمحبوس كل سد بالإفراج، وسرح بطائق السفن فخفقت أجنحتها بمخلق بشائره، وأشار بأصابعه إلى قتل المحل فبادر الخصب إلى امتثال أوامره، وحظي بالمعشوق وبلغ من كل منية مناه، فلا سكن على البحر إلا تحرك ساكنه بعد ما تفقه، وأتقن باب المياه، ومد شفاه أمواجه إلى تقبيل فم الخور (٣) ، وزاد مترعه (٤) فاستحلى المصريون زائده على الفور، ونزل في بركة الحبش فدخل التكرور في طاعته، وحمل على الجهات البحرية فكسر المنصورة وعلا على الطويلة بشهامته، وأظهر في مسجد الخضر عين الحياة فأقر الله عينه، وصار أهل دمياط في برزخ بين المالح وبينه، وطلب المالح رده بالصدر وطعن في حلاوة شمائله، فما شعر إلا وقد ركب عليه ونزل في ساحله.

وأما المحاسن فدارت دوائره على وجنات الدهر عاطفة، وثقلت أرداف أمواجه على خصور (٥) الجواري واضطربن كالخائفة، ومال شيق النخيل إليه فلثم

ثغر طلعه وقبل سالفه، وأمست سود الجواري كالحسنات على حمرة وجناته، وكلما زاد زاد الله في حسناته؛ فلا فقير سد إلا حصل له من فيض نعماه فتوح، ولا ميت خليج إلا عاش به


(١) الثمرات: "منشور".
(٢) ح: "لكل سد".
(٣) الثمرات: "الجسر".
(٤) ح: "زاد بسرعة".
(٥) في الأصول: "حضور" وصوابه من الثمرات.