للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بموسى ... فإذا أنا بإبراهيم" (١).

[ص ٢٨] فأصل التشبيه في هذين أنه شبَّه حلولَ الشتاء في المستقبل القريب بحلولٍ له في الحال، بجامع ملابسة الحال. وشبَّه وقوعَ الفرج في المستقبل القريب بوقوع منه في الحال، بجامع ملابسة الحال والتحقق. ولكنه عدل عن هذا إلى لازمه، وهو تلبُّس المخاطب بهما في الحال، فإنه إنما يتلبَّس في الحال بما هو واقع فيه.

ومنه: قوله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الكعبة: "كأنِّي به أسودَ أفحَجَ يقلعها حجرًا حجرًا" (٢).

شبَّه هدمَ ذلك الحبشي في المستقبل بهدمٍ يقع منه في الحال بجامع التحقُّق، وعدل إلى الكناية فقال: "كأنِّي به" أي: كأني ملتبِّس به أي: أُبصِره، لأنه إنما يُبصره يَهدِم في الحال إذا كان الهدم واقعًا في الحال.

ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم ــ وقد مرَّ بوادي الأزرق ــ: "كأني أنظر إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - ــ فذكر من لونه وشعره ــ واضعًا إصبعيه في أذنيه، له جُؤارٌ إلى الله بالتلبية، مارًّا بهذا الوادي ... ". ثم قال عندما مرَّ بثنيَّة هَرْشَى (٣): "كأنِّي أنظر إلى يونس على ناقة حمراء، عليه جبة صوف، خطامُ ناقته لِيفٌ خُلْبَةٌ مارًّا بهذا الوادي ملبِّيًا" (٤).


(١) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء. [المؤلف]. من حديث أنس [٢٥٩].
(٢) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب هدم الكعبة. [المؤلف]. من حديث ابن عباس [١٥٩٥].
(٣) رسمها في الأصل: "هرشا".
(٤) صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الإسراء. [المؤلف]. من حديث ابن عباس [٢٦٩].