وكثيرًا ما تبنى الاستعارة على التشبيه مع الكناية، فتكون الاستعارة بالكناية. فمنه ــ والواقعة ماضية ــ قوله عزَّ وجلَّ في قصة أصحاب الكهف:{وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ}[الكهف: ١٧]. شبه التزاور الواقع في الماضي بتزاور يقع في الحال، واستعير اللفظ الدّال على المشبّه للمشبّه به، وطوي ذلك، ورمز إليه بأن أثبت للمشبه شيء من لوازمه وهو رؤية واقعة في الحال، فإنه يلزم من رؤيته في الحال أن يكون واقعًا في الحال. [ص ٣٢] وإثبات الرؤية في الحال تخييل، كما يقوله البيانيون في بحث الاستعارة بالكناية.
ومنه ــ والواقعة مستقبلة ــ قوله تعالى في صفة يوم القيامة:{وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الزمر: ٧٥]. شبّه حفوف الملائكة بالعرش يوم القيامة بحفوف واقع منهم في الحال، واستعير لفظ المشبه به للمشبه في النفس، ورمز إليه بأن أثبت للمشبه شيء من لوازمه، وهي الرؤية في الحال، وإثبات الرؤية في الحال تخييل.