طاوي المصيرِ على العَزَّاءِ منجردٌ ... بالقوم ليلةَ لاماءٌ ولا شجَرُ
لا يتأرّى لِما في القِدْر يرقُبُه ... ولا يعَضُّ على شُرْسُوفِه الصَّفَرُ
تكفيه فِلْذَةُ لحمٍ إنْ ألَمَّ بها ... من الشِّواء ويُروي شُرْبَه الغُمَرُ
وأفعال الاستمرار داخلة في المجاز، كأنه شبَّه ما كان فيما مضى مستمرًّا من الماضي إلى المستقبل بما هو مستمرّ في الحال بجامع ملابسة الحال والتحقق، وانضمَّ إلى ذلك حكاية الحال والإيهام، وقِسْ على ذلك.
وهكذا الصفات في هذه الأبيات، فإنّ حقّها أن تطلَق للحال كما تقدم في الفائدة التاسعة، ووقوعها مرفوعةً يردّ ما قد توهم أن الأفعال على تقدير كان، فتدبَّرْ.
ومن مراثيهم التي كثُر فيها التجوّز المذكور مرثية زياد الأعجم للمغيرة بن المهلَّب (١):
قل للقوافل والغُزاة إذا غزَوا ... لِلباكرِينَ ولِلمُجِدِّ الرائحِ
[ص ٣٦] إن الشجاعةَ والمروءةَ ضُمِّنا ... قبرًا بمروَ على الطريقِ الواضحِ
(١) القصيدة في ذيل الأمالي للقالي ص ٨ - ١١. وبعضها في تاريخ ابن خلكان (٢/ ١٤٧) في ترجمة المهلّب [طبعة إحسان عباس (٥/ ٣٥٤ - ٣٥٥)]، وفي أمالي الشريف المرتضى (٤/ ١٠٧ - ١٠٨) [طبعة أبي الفضل (٢/ ١٩٩)]، والأغاني (١٤/ ٩٩)، وخزانة الأدب (٤/ ١٥٢) [طبعة هارون (١٠/ ٤)]. وفي بعض الأبيات اختلاف بين الروايات. [المؤلف].