للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [ص ٥٠] ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} الآيات [البقرة: ٤٧ ــ ٥١]. ومثل هذا كثير في الكلام.

قلت: الجواب عن هذا من أوجه:

الأول: أن هذا الاستعمال مجاز، إنما يحمل الكلام عليه حيث ظهرت قرينته كما في الآيات (١). وليست في قوله تعالى: {تَرْمِيهِمْ} قرينة ما، بل الظاهر الواضح ــ إن لم نقل المتيقن ــ أنه ليس بخطاب، بل المعنى: ترميهم تلك الطير.

فإن قيل: كانت القرينة قائمة عند المخاطبين بالسورة، وهم الذين كانوا من قريش في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنهم كانوا يعلمون أن آباءهم رموا، وأنّ الطير لم ترمِ.

قلت: هذه دعوى فارغة، فقد تقدم في فصل (هـ) من القسم الأول الروايات عن الصحابة والتابعين بإثبات رمي الطير وأنه لم يكن من أهل مكة قتالٌ ما. وتقدم قول المعلم: "قصارى أمره أن يكون إما ممن رأى نزول الحجارة من السماء وظنّ من بعيد أنها كانت من الطير ... " وقوله: "ويمكن أيضًا أن بعض المشاهدين أنفسهم لم يفهموا إلا أن الطير رمتهم ... فأيقنوا الرمي من السماء، ولم يروا في السماء إلا طيرًا أبابيل، فنسبوا هذا الرمي إليهن".


(١) انظر الفائدة الـ ... من الذيل. [المؤلف]. كذا في الأصل دون رقم الفائدة، وانظر ما سبق في (ص ١٥٨). وقال: "من الذيل" لأنه بدا له فيما بعد أن يؤخر الفوائد السابقة إلى آخر الرسالة.