للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيذاء، وهذا ما يسميه الأصوليون بمفهوم الموافقة (١) أو دلالة النص (٢)، ولا خلاف في التخصيص والتعميم بمثل هذه العلل إلا عند من شذ من الظاهرية (٣).

وأما العلل التي تحتاج إلى تأمل وتفكير واستنباط - وهي التي وقع النزاع بتأثيرها على النص - فلا يمكن الادعاء بأن تعميم النص وتخصيصه بها هو من قبيل الدلالة اللغوية لنفس النص الذي استنبطت منه والدليل على ذلك أن غير المجتهد - حتى لو كان لغويا - لا يقوى على فهم هذا التعميم أو التخصيص بمجرد سماع النص بخلاف الحال في مفهوم الموافقة حيث يدرك ذلك كل عالم باللغة.

وادعاء ابن رشد (٤) - وهو ما قد يُفهم من كلام ابن القيم (٥) - بأن القياس، أو بعبارة أخرى تعميم الحكم بالعلة إنما هو من قبيل الدلالة اللغوية للنص الشرعي - على الرغم من أن له وجهًا إلا أنه يبقى محلًا للنظر.

الدليل الرابع: وهو أوجه نظرية ثلاثة ذكرها الشاطبي:

أحدها: أنه «قد قام الدليل على اعتبار المصالح شرعًا، وأن الأوامر والنواهي مشتملة عليها، فلو تركنا اعتبارها على الإطلاق لكنا قد خالفنا الشارع من حيث قصدنا موافقته، فإن الفرض أن هذا الأمر وقع لهذه المصلحة، فإذا ألغينا النظر فيها في التكليف بمقتضى الأمر كنا قد أهملنا في


(١) وهو إطلاق الجمهور انظر: الزركشي، البحر المحيط، ج ٤، ص ٧ - ١١ ومحمد الخضري أصول الفقه، ص ١٢٢.
(٢) وهو إطلاق الحنفية انظر: ابن الهمام، التحرير، ج ١، ص ٩٠، ومحمد الخضري، أصول الفقه ص ١٢٢.
(٣) انظر: الزركشي، البحر المحيط، ج ٤، ص ١٠.
(٤) انظر: ابن رشد، الضروري في أصول الفقه، ص ١٣٠ - ١٣١.
(٥) انظر: ابن القيم، إعلام الموقعين، ص ٢١٨ وما بعدها، ص ٣٣٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>