للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدخول تحت حكم الأمر ما اعتبره الشارع فيه فيوشك أن نخالفه في بعض موارد ذلك الأمر» (١).

والوجه الثاني: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أشياء وأمر بأشياء وأطلق القول فيها ليحملها المكلف في نفسه وفي غيره على التوسط لا على مقتضى الإطلاق الذي يقتضيه لفظ الأمر والنهي فجاء الأمر بمكارم الأخلاق وسائر الأمور المطلقة، والنهي عن مساوئ الأخلاق وسائر المناهي المطلقة وقد تقدم أن المكلف جُعل له النظر فيها بحسب ما يقتضيه حاله ومُنّته (٢)، ومثل ذلك لا يتأتى مع الحمل على الظاهر مجردًا من الالتفات إلى المعاني» (٣).

والوجه الثالث: أن «الأوامر والنواهي من جهة اللفظ على تساوٍ في دلالة الاقتضاء، والتفرقة بين ما هو منها أمر وجوب أو ندب وما هو نهي تحريم أو كراهة لا تُعلم من النصوص وإن عُلم بعض فالأكثر منها غير معلوم وما حصل لنا الفرق بينها إلا باتباع المعاني والنظر إلى المصالح وفي أي مرتبة تقع وبالاستقراء المعنوي ولم نستند فيه إلى مجرد الصيغة» (٤).

وهذه الأوجه التي يذكرها الشاطبي في تدعيم القول بلزوم النظر إلى علة النص وإن أدى ذلك إلى التأثير على ظاهره أوجه قوية، إلا أنه يمكن الاعتراض على الوجه الأخير منها بأن ما ذكر من أن دلالة الأوامر على الوجوب أو الندب والنواهي على التحريم أو الكراهة لا تُعلم بالتحديد إلا من خلال


(١) الشاطبي، الموافقات، ج ٣، ص ١٥٠.
(٢) المُنَّة بضم الميم وتشديد النون: القوة والطاقة. انظر: المعجم الوسيط، ج ٢، ص ٩٢٤.
(٣) الشاطبي، الموافقات، ج ٣، ص ١٥١.
(٤) المرجع السابق، ج ٣، ص ١٥٣.

<<  <   >  >>