للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المختلفة من ذلك المسمى، ولا يمكن ذلك الأداء إلا بالاستبدال فيكون متضمنًا للأمر بالاستبدال، كالسلطان يعد مواعيد مختلفة ثم يأمر بعض وكلائه بأدائها من مال معين عنده يكون إذنًا بالاستبدال، فكذا هاهنا … فالتعليل وقع في هذا الحكم وليس فيه تغييرٌ للنص بل يكون التغيير في الحكم الأول وهو ثابت بالنص لا بالتعليل، فيكون تغيير النص بالنص مجتمعًا مع التعليل في حكم آخر ليس فيه تغيير النص، وهذا معنى قول فخر الإسلام رحمه اللَّه: فصار التغيير مجامعًا للتعليل بالنص لا بالتعليل، وقد قال أيضًا: فصار صلاح الصرف إلى الفقير بعد الوقوع لله بابتداء اليد ليصير مصروفًا إلى الفقير بدوام يده حكمًا شرعيًا في الشاة فعللناه بالتقويم وعدّيناه إلى سائر الأموال» (١).

ونظرًا لتكلُّف هذا الجواب وصعوبة مدركه فقد اعترف صدر الشريعة بعد إيراده بقوله: «وهذه المسألة مع هذه العبارة [يعني بها عبارة فخر الإسلام آنفة الذكر] من مشكلات كتب أصحابنا في الأصول» (٢)، هذا وقد أطال الأنصاري في تفنيد هذا الجواب بما يثقل إيراده (٣). ولو أنّ الحنفية كيّفوا اجتهاد أبي حنيفة هذا بدقّة لما احتاجوا لمثل هذا الجواب العسير على الفهم، وذلك بالقول بأن اجتهاد أبي حنيفة، رحمه اللَّه، لم يتضمّن عود التعليل على النص بالإبطال كما هو المدعى، وذلك لأن أبا حنيفة وإن قال بجواز دفع القيمة فإنه قائل في الوقت نفسه بجواز دفع الشاة، وما دام ذلك كذلك فإن حكم النص - وهو إجزاء دفع الشاة - معمولٌ به غير معطل وإنما أُضيف إليه حكم آخر - سكت عنه النص - هو إجزاء القيمة.


(١) صدر الشريعة، التوضيح، ج ٢، ص ٥٩.
(٢) المرجع السابق، ج ٢، ص ٦٠.
(٣) انظر: الأنصاري، فواتح الرحموت، ج ٢، ص ٢٣، ٢٤.

<<  <   >  >>