للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعيين محتمِلٌ للتوسيع وهو كقوله: "وليستنجِ بثلاثة أحجار" (١) فإنّ إقامة المدر (٢) مقامه لا يُبطل وجوبَ الاستنجاء لكن الحَجَرُ يجوز أن يتعيّن ويجوز أن يُتخيَّر بينه وبين ما في معناه» (٣).

ولم أجد من متقدمي الحنفية من تنبه إلى هذا الذي ذكره الغزالي، رحمه اللَّه، إلا أن صاحب الخمسين في أصول الحنفية أشار إليه إشارة خفية فقال: «التمسك بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "في أربعين شاة شاة" لإثبات عدم جواز دفع القيمة ضعيف، لأنه [أي الحديث] يقتضي وجوب الشاة ولا خلاف فيه وإنما الخلاف في سقوط الواجب بأداء القيمة» (٤).

قال شارحه: «لا خلاف في وجوب الشاة، وإنّما الخلاف في سقوط الواجب بأداء القيمة والنص ساكت عنه فلا يصح التمسك به [يعني الحديث] لأن النص لا يتعرض لعدم سقوط الواجب بأداء القيمة» (٥).

أما ابن الهمام من متأخري الحنفية فقد صرح بأن تعليل أبي حنيفة للحديث "في أربعين شاة شاة" «لم يكن مُبطلًا للمنصوص عليه بل توسعة لمحل الحكم فإن الشاة المنصوص عليها بعد التعليل محل للدفع كما أن قيمتها محل أيضًا وليس التعليل حيث كان إلا لتوسعة المحل» (٦).


(١) سبق تخريجه في المبحث الأول من هذا الفصل.
(٢) المدر: هو الطين اللزّج المتماسك، انظر: المعجم الوسيط، ج ٢، ص ٨٩٣.
(٣) الغزالي، المستصفى، ج ١، ص ٣٩٤ - ٣٩٦.
(٤) أبو علي الشاشي، أصول الشاشي أو الخمسين، دار الكتاب العربي، بيروت ١٤٠٢ هـ، ص ١٧٨، وأنا أشك بنسبة الكتاب إلى الشاشي، وذلك لأن صاحب هذا الكتاب ينقل عن الدبوسي بعض النقول كما في صفحة ١٠٨ وصفحة ٣٧٣، والدبوسي توفي سنة ٤٣٠ هـ بينما توفي أبو علي الشاشي سنة ٣٤٤ هـ كما ترجم له بذلك محقق الكتاب فيكون الشاشي قد سبق الدبوسي بقرن من الزمن فكيف ينقل عنه؟
(٥) محمد فيض الحسن الكنكوهي، حاشية الكنكوهي على أصول الشاشي، دار الكتاب العربي، بيروت ١٤٠٢ هـ، ص ١٨٤.
(٦) ابن الهمام، شرح فتح القدير، ج ٢، ص ١٩٢، وانظر: ابن الهمام، التحرير، ج ١، ص ١٥٥.

<<  <   >  >>