للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه، وقال ابن المنير: وقع الاختلاف في مواطن بحسب السائلين» (١).

ومع أن أكثر العلماء حرموا سفر المرأة من غير محرم على العموم إلا أن كثيرًا منهم كالشافعي ومالك والأوزاعي وابن سيرين (٢)، ومن قبلهم جماعة من الصحابة كعائشة وابن عمر (٣) رضي اللَّه عنهم أجمعين، أخرجوا من هذا العموم سفرَ المرأة إلى الحج عند الأمن، فلم يشترطوا - والحالة هذه - وجود المحرم أو الزوج بل يكفي تحقُّق الأمن بوجود رفقة مأمونة أو نسوة ثقات أو حتى امرأة واحدة ثقة بل صح عن الشافعي القول بأنه يجوز للمرأة أن تسافر وحدها إذا كان الطريق آمنًا (٤).

ووجه قول هؤلاء هو أن العلة من اصطحاب المحرم المنصوص عليه في الحديث هي تحقيق الأمن للمرأة خشية الاعتداء عليها، فإذا تحققت العلة - وهي حصول الأمن - بغير طريق المحرم أو الزوج كان ذلك جائزًا وخارجًا عن مقتضى النهي.

ولم يرتض الحنفية هذا الاجتهاد من الشافعية وغيرهم، ووجه اعتراضهم عليه هو أنه تضمن تعليلًا للنص الشرعي بحيث عاد هذا التعليل على النص بالتأثير ومثل هذا - عندهم - لا يجوز.


(١) ابن حجر، فتح الباري، ج ٤، ص ٩٠.
(٢) انظر: ابن عبد البر، الاستذكار، ج ١٣، ص ٣٦٩.
(٣) وقد سبق بيان مذهبيهما - عائشة وابن عمر - في الفصل الثاني.
(٤) انظر: النووي، المجموع، ج ٧، ص ٦٨.

<<  <   >  >>