للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي أراه هو أن الحنفية - مع توسع أبي حنيفة في التعليل حتى في العبادات - غير محقين في انتقاد اجتهاد الجمهور في هذه المسألة وذلك لوجهين:

أحدهما: أن الاجتهاد المتضمن لتأثير تعليل النص على دلالته جائز من حيث الأصل - كما سبق بيانه - وقول أصوليي العراق من الحنفية بعدم الجواز قولٌ مرجوح.

والآخر: أن انتقاد الحنفية هذا لا يمثل بصدق وجهة نظر أبي حنيفة في هذه المسألة، وبيان ذلك أن أبا حنيفة، رحمه اللَّه، وإن خالف الجمهور في اجتهادهم فإنه - واللَّه أعلم - لم يصدر في مخالفته هذه عن إهماله لعلة النص كما ادعاه ابن العربي، وإنما صدر عن عدم اقتناعه بالعلة التي ذهب إليها الجمهور، إذ إنهم إذ يرون أن العلة من اصطحاب المحرم هي حصول الأمن يرى هو أن هذا الذي يذكره الجمهور هو جزء العلة وليس تمامها، وذلك لأن المرأة تحتاج للمحرم في السفر - فضلًا عن توفير الأمن - في خدمتها وتحميلها وتنزيلها وغير ذلك مما لا تستطيع القيام به بنفسها، فهذا معنى مناسب يضاف إلى معنى الأمن، وعليه لا يجوز للمرأة اصطحاب غير المحرم وإن كان ثقة يحصل معه الأمن، لأنه لن يتمكن من خدمتها بتحميلها وتنزيلها وغير ذلك لما تتضمنه هذه الخدمة من ارتكاب بعض المحذورات الشرعية كالنظر واللمس وغير ذلك من الأمور، قال ابن الهمام، رحمه اللَّه،: «المرأة لا تستطيع النزول والركوب إلا مع من يركبها وينزلها ولا يحلّ ذلك إلا للمحرم والزوج، وهذا هو الغالب فلا يعتبر ثبوت القدرة على ذلك في بعضهن، ولو قدرت فالقدرة عليه مع انكشاف شيء مما لا يحل لأجنبي النظر إليه كعقبها ورجلها وطرف

<<  <   >  >>