اللَّه» فقال المشركون: لا تكتب «محمد رسول اللَّه» لو كنت رسولًا لم نقاتلك فقال لعلي: امحه. فقال علي: ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- بيده، وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام. ولا يدخلوها إلا بجُلُبَّان السلاح فسألوه: ما جلبّان السلاح؟ فقال: القراب بما فيه" (١).
ووجه «تأثير تعليل النص على دلالته» في هذه الواقعة أن عليًا -رضي الله عنه- بما احتف بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- له بمحو الاسم من قرائن لم يره خرج مخرج الإلزام، وإنما خرج مخرج المداراة والمسايسة وإظهار التساهل، لأن القائد قد يُظهر التساهل في الصلح لرغبة منه في تتميمه وهذا قد يؤدي به إلى التنازل عن بعض الحقوق، والذي ينبغي على الأفراد حينئذ إظهار الصلابة والشدة وعدم التساهل حتى لا يطمع طرف الصلح الآخر بأكثر مما نال، وهذا ما فعله عليّ -رضي الله عنه- في امتناعه عن محو اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- مع أمره له بذلك، وقد أقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك ولم يعنفه ولو كان إحجامه عن امتثال الأمر عصيانًا - حاشاه ذلك - لبيَّنه له النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنكره لقوله تعالى:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}[الأعراف: ١٥٧].
قال السرخسي في أصوله مبينًا وجه امتناع علي -رضي الله عنه- عن امتثال أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنّه أبى أن يمحو ذلك تعظيمًا لرسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- وهو العزيمة، وقد علم أن رسول اللَّه ما قصد بما أمر إلا تتميم الصلح لما رأى فيه من الحظ للمسلمين بفراغ قلوبهم، ولو علم علي أن ذلك كان أمرًا بطريق الإلزام لمحاه من ساعته، ألا ترى أنه قال لرسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: "إنك ستبعثني في أمر أفأكون فيه كالسِّكَّة