للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى إلى صنع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فِي الْخَوَارِجِ؟ (وَكَوْنِهِ) (١) عَامَلَهُمْ فِي قِتَالِهِمْ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (٢)، فَإِنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَتِ الْحَرُورِيَّةُ وَفَارَقَتِ الْجَمَاعَةَ لَمْ يُهَيِّجْهُمْ عَلِيٌّ وَلَا قَاتَلَهُمْ، (وَلَوْ) (٣) كَانُوا بِخُرُوجِهِمْ مرتدين لم يتركهم؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" (٤)، وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَرَجَ لِقِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ وَلَمْ يَتْرُكْهُمْ، فَدَلَّ ذلك على اختلاف ما بين المسألتين.


=وهو اختلاف في تكفيرهم بإطلاق، لكن الحكم على أفرادهم ـ وهو المهم ـ تجري عليه قاعدة الفرق بين التكفير المطلق وتكفير المعين.
(هـ) أن الفرق سواء قيل بكفرها أو عدم كفرها تكفيراً مطلقاً، أفرادها إما مؤمن ضال جاهل بالسنة وهذا لا يكفر، وإما منافق زنديق يريد هدم الإسلام، وهذا يكفر، والذي يدل على ذلك: أن من المنافقين وأعداء الإسلام من دخل في الإسلام ظاهراً، وبث فيه البدع ليهدم الدين، وهذا لا شك في كفره وردته، بينما من اتبعه قد يكون مسلماً جاهلاً غرر به، والله تعالى أعلم. راجع: مجموع فتاوى ابن تيمية (٣ ٢٢٩ ـ ٢٣١ و٣٥١ ـ ٢٥٤)، و (٦ ٦١) و (٧ ٤٧٢ و٦١٨ ـ ٦١٩ و٥٠٧ ـ ٥٠٨) و (١٢ ٤٦٦ و٤٨٧ ـ ٥٠١) و (٢٨ ٥٠٠ و٥١٨)، والمسائل الماردينية (٦٥ ـ ٦٩)، والمعيار المعرب للونشريسي (٢ ٣٣٩ ـ ٣٤١)، وشرح الطحاوية (٣٥٨ ـ ٣٥٩)، ومعارج القبول (٢ ٦١٦)، وضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة (٢٥٢ ـ ٢٦٦) والتكفير والمكفرات (٥٨١ ـ ٥٩٣)، وحقيقة البدعة وأحكامها (٢ ٢٢٣ ـ ٣٠٩).
(١) في (غ) و (ر): وفي كونه.
(٢) سورة الحجرات: الآية (٩).
(٣) في (م): "ولا".
(٤) أخرجه البخاري (٦٩٢٢، ٣٠١٧)، والطيالسي في مسنده (٢٦٨٩)، والحميدي في مسنده (٥٣٣)، وأحمد في مسنده (١ ٢١٧ و٢٨٢ و٣٢٢)، وابن ماجه (٢٥٣٥)، والترمذي (١٤٥٨)، وأبو داود (٤٣٥١)، والنسائي في المجتبى (٤٠٥٩ ـ ٤٠٦٥)، وفي السنن الكبرى (٣٥٢٢ ـ ٣٥٢٨)، والحارث في مسنده ـ بغية الباحث ـ (٥٠٩)، وابن الجارود في المنتقى (٨٤٣) وأبو يعلى في مسنده (٢٥٣٢ و٢٥٣٣)، والطبراني في المعجم الكبير (١٠٦٣٨ و١١٨٣٥ و١١٨٥٠) و (١٩ ٤١٩ برقم ١٠١٣)، والدارقطني (٣ ١٠٨ و١١٣)، وابن حبان (٤٤٧٥)، والحاكم (٦٢٩٥)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٦٥٩٧ و١٦٦٣٥ ـ ١٦٦٣٧ و١٦٦٥٤ و١٧٨٤١).