للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضاً حين ظَهَرَ مَعْبَدُ الْجُهَنِيُّ (١) وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ (٢) لم يكن (لهم من السلف الصالح) (٣) إِلَّا الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ وَالْعَدَاوَةُ وَالْهِجْرَانُ، وَلَوْ كَانُوا خَرَجُوا إِلَى كُفْرٍ مَحْضٍ لَأَقَامُوا عَلَيْهِمُ الْحَدَّ (بالقتل كالمرتدين) (٤)، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيْضًا لَمَّا خَرَجَ فِي زَمَانِهِ الْحَرُورِيَّةُ بِالْمَوْصِلِ/ أَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ (على مَا) (٥) أَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ/ ولم يعاملهم معاملة المرتدين (٦).

ومن جهة (النظر) (٧) إِنَّا وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُمْ مُتَّبِعُونَ (لِلْهَوَى) (٨)، وَلِمَا تَشَابَهَ مِنَ الْكِتَابِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُتَّبِعِينَ لِلْهَوَى بِإِطْلَاقٍ، وَلَا مُتَّبِعِينَ لِمَا تَشَابَهَ مِنَ الْكِتَابِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَوْ (فَرَضْنَا أَنَّهُمْ) (٩) كَذَلِكَ لَكَانُوا كُفَّارًا، إِذْ لا يتأتى ذلك (إلا ممن أخذ به في الشريعة مَعَ) (١٠) رَدِّ مُحْكَمَاتِهَا عِنَادًا وَهُوَ كُفْرٌ، وَأَمَّا مَنْ صَدَّقَ (بِالشَّرِيعَةَ) (١١) وَمَنْ جَاءَ بِهَا، وَبَلَغَ فِيهَا مَبْلَغًا يَظُنُّ بِهِ أَنَّهُ مُتَّبِعٌ لِلدَّلِيلِ (فمثله) (١٢)، لا يقال (فيه) (١٣): أَنَّهُ صَاحِبُ هَوًى بِإِطْلَاقٍ بَلْ هُوَ مُتَّبِعٌ للشرع في نظره، لكن


(١) هو معبد بن عبد الله بن عويم الجهني البصري، أخذ عنه غيلان الدمشقي القول بالقدر، وخرج مع ابن الأشعث على الحجاج، فقتله الحجاج عام ٨٠هـ. انظر: تهذيب التهذيب (١٠ ٢٢٥).
(٢) تقدم تعريف القدرية (١ ١٤).
(٣) في (ط) و (م) و (خ): "من السلف الصالح لهم". وفي (غ) و (ر): "من السلف الصالح إليهم".
(٤) في (ط) و (غ) و (ر): "المقام على المرتدين"، وفي (م) و (خ): "العظام على المرتدين".
(٥) في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "أخذ".
(٦) انظر قصة خروج الخوارج على عمر في: الموطأ لابن وهب ـ كتاب المحاربة تحقيق موراني ـ ص ٤٤ ـ ٤٦ والمنتظم لابن الجوزي (٧/ ٥٣ ـ ٥٤)، وطرفاً من معاملته لهم في سيرة ومناقب عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي (ص٧٦).
(٧) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "المعنى".
(٨) في سائر النسخ ما عدا (غ) و (ر): "الهوى".
(٩) في (غ) و (ر): "فرضناهم".
(١٠) في (م) و (خ) و (غ) و (ر): "من أخذ ـ في ط: أحد ـ في الشريعة إلا مع".
(١١) في (ط) و (م) و (خ): "الشريعة".
(١٢) في (ط): "بمثله".
(١٣) زيادة من (م) و (خ).