للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِحَيْثُ (يُمَازِجُهُ) (١) الْهَوَى فِي (مَطَالِبِهِ) (٢) / مِنْ جِهَةِ إِدْخَالِ الشَّبَهِ فِي الْمُحَكَّمَاتِ بِسَبَبِ اعْتِبَارِ الْمُتَشَابِهَاتِ، فَشَارَكَ أَهْلُ الْهَوَى فِي دُخُولِ الْهَوَى فِي نِحْلَتِهِ، وَشَارَكَ أَهْلُ الْحَقِّ فِي أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ إِلَّا مَا دَلَّ/ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ عَلَى الْجُمْلَةِ.

/وَأَيْضًا فَقَدْ ظَهَرَ مِنْهُمُ اتِّحَادُ الْقَصْدِ مع/ أهل السنة على (الجملة) (٣) في مَطْلَبٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الِانْتِسَابُ إِلَى الشَّرِيعَةِ، وَمِنْ أَشَدِّ مَسَائِلِ الْخِلَافِ ـ مَثَلًا ـ مَسْأَلَةُ إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ حَيْثُ نَفَاهَا مَنْ نَفَاهَا، فَإِنَّا إِذَا نَظَرْنَا إِلَى مَقَاصِدَ الْفَرِيقَيْنِ وَجَدْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَائِمًا حَوْلَ حِمَى التَّنْزِيهِ، وَنَفْيِ النَّقَائِصِ، وَسِمَاتِ الْحُدُوثِ، وَهُوَ مَطْلُوبُ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِهَذَا الْقَصْدِ فِي الطَّرَفَيْنِ مَعًا، فَحَصَلَ فِي هَذَا الْخِلَافِ (الشبه) (٤) الْوَاقِعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي الْفُرُوعِ (٥).

وَأَيْضًا فَقَدْ يُعْرَضُ الدَّلِيلُ عَلَى الْمُخَالِفِ مِنْهُمْ فَيَرْجِعُ إِلَى الْوِفَاقِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُ، كَمَا رَجَعَ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ/ الْخَارِجِينَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْفَانِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ الرُّجُوعِ، كما تقدم في أن المبتدع ليس له توبة.

حكى ابن عبد البر بسند يرفعه إلى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا اجتمعت (الحرورية يخرجون على علي، قال) (٦) جعل يأتيه الرجل فيقول: يا أمير المؤمنين (إن) (٧) القوم خارجون عليك، قال: (دعهم) (٨)


(١) في (م): "بمزاجه". وفي (غ) و (ر): "يزاحمه".
(٢) في (م): "مطالب".
(٣) في (ط) و (خ): "الجماعة".
(٤) في (ط): "أشبه".
(٥) يرى الشاطبي أن نصوص الصفات من المتشابه، كما في هذا النص، وصرح به في كتاب الموافقات (٣ ٩٤)، وهو خلاف مذهب السلف في اعتقادهم أن نصوص الصفات من المحكم، وقد فصل هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب: الإكليل في المتشابه والتأويل وهي ضمن مجموع الفتاوى (١٣ ٢٧٠).
(٦) في (ت): بعلي رضي الله عنه فت الذي يريد الخوارج أن يخرجوا عليه.
(٧) ساقط من (غ) و (ر).
(٨) في سائر النسخ ما عدا (ت): "دعوهم".