للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التَّشْرِيعِ أَبداً، وَمَنْ جَعَلَهَا كَذَلِكَ فَهُوَ جَاهِلٌ أَو مُخْطِئٌ (١) فِي نَقْلِ الْعِلْمِ، فَلَمْ يُنقل الأَخدُ بشيء منها عَمَّن يُعْتَدّ بِهِ فِي طَرِيقَةِ (٢) الْعِلْمِ، وَلَا طَرِيقَةِ السُّلُوكِ.

وإِنما أَخذ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِالْحَدِيثِ الْحَسَنِ؛ لإِلحاقه (٣) عند بعض (٤) المحدِّثين بِالصَّحِيحِ؛ لأَن سَنَدَهُ لَيْسَ فِيهِ مَنْ يُعاب بجرْحَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ أَخذ مَنْ أَخذ مِنْهُمْ بِالْمُرْسَلِ، لَيْسَ إِلاَّ مِنْ حَيْثُ لحق (٥) بالصحيح في أَن المتروك (٦) ذكره كالمذكور المُعَدَّل (٧)، فأَما (٨) مَا دُونُ ذَلِكَ فَلَا يُؤْخَذُ بِهِ بِحَالٍ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ.

وَلَوْ كَانَ مِنْ شأْن أَهل الإِسلام الذَّابِّين (٩) عَنْهُ الأَخذ مِنَ الأَحاديث بِكُلِّ مَا جَاءَ عَنْ كُلِّ مَنْ جَاءَ، لَمْ يَكُنْ لِانْتِصَابِهِمْ لِلتَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ مَعْنًى ـ مَعَ أَنهم قَدْ أَجمعوا عَلَى ذَلِكَ ـ، وَلَا كَانَ لِطَلَبِ الإِسناد مَعْنًى يَتَحَصَّلُ، فَلِذَلِكَ جَعَلُوا الإِسناد مِنَ الدِّينِ (١٠)، وَلَا يَعْنُونَ: "حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ" مُجَرَّداً، بَلْ يُرِيدُونَ ذَلِكَ لِمَا تضمَّنه مِنْ مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ الَّذِينَ يحدَّث عَنْهُمْ، حتى لا يسند عن مجهول، ولا مُجَرَّح، ولا متهم (١١)، ولا عَمَّن لا تَحْصُلُ (١٢) الثِّقَةُ بِرِوَايَتِهِ؛ لأَن رُوحَ الْمَسْأَلَةِ أَن يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ أَن ذَلِكَ الْحَدِيثَ قَدْ قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِنَعْتَمِدَ (١٣) عَلَيْهِ فِي الشَّرِيعَةِ، وَنُسْنِدَ (١٤) إِليه الأَحكام.


(١) في (خ): "جاهل ومخطئ".
(٢) في (م): "يعتمد به طريقه".
(٣) في (غ) و (ر): "للحاقة".
(٤) قوله: "بعض" ليس في (خ).
(٥) في (خ): "ألحق".
(٦) يعني الراوي الساقط من الإسناد في الحديث المرسل.
(٧) في (خ): "والمعدل".
(٨) في (غ) و (ر): "وأما".
(٩) في (خ): "اذابين".
(١٠) أخرج مسلم في "مقدمة صحيحه" (١/ ١٥) عن ابن المبارك أنه قال: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
(١١) في (غ) و (ر): "ولا عن متّهم".
(١٢) في (خ): "إلا عمن تحصل".
(١٣) في (غ) و (ر): "ليعتمد".
(١٤) في (غ) و (ر): "وتسند" وفي (م): "ويسند".