للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَاسْتَوَى عِنْدَهُمُ النَّظْم والنَّثْر. وإِن أَطلق أَحد مِنْهُمُ السَّمَاعَ عَلَى الصَّوْتِ الْحَسَنِ الْمُضَافِ إِلَى شعر أو غيره (١)، فمن حيث فهم منه (٢) الْحِكْمَةَ لَا مِنْ حَيْثُ يُلَائِمُ الطِّبَاع؛ لأَن من سمعه منهم مِنْ حَيْثُ يَسْتَحْسِنُهُ فَهُوَ مُتَعَرِّضٌ لِلْفِتْنَةِ، فَيَصِيرُ إِلى ما صار إليه أهل (٣) السَّمَاعُ المُلِذّ المُطْرِب.

وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَن السَّمَاعَ عِنْدَهُمْ مَا تَقَدَّمَ: مَا ذُكر (٤) عَنْ أَبي عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيِّ أَنه قَالَ: مَنِ ادَّعَى السماع ولم يسمع صوت الطيور (٥) وصرير الباب وتصفيق الرياح فهو مُفْتَرٍ مُدَّعٍ (٦). وقال الحصري: أَيْشٍ أَعمل بسماع ينقطع إذا انقطع (٧) من (٨) يُسمع مِنْهُ؟ يَنْبَغِي (٩) أَن يَكُونَ سَمَاعُكَ سَمَاعًا مُتَّصِلًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ (١٠).

وَعَنْ أَحمد بْنِ سَالِمٍ (١١) قَالَ: خَدَمْتُ سَهْلَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيَّ


(١) من قوله: "على الصوت الحسن" إلى هنا سقط من (خ).
(٢) قوله: "منه" ليس في (خ).
(٣) قوله: "أهل" ليس في (خ) و (م).
(٤) قوله: "ما ذكر" سقط من (غ).
(٥) في (خ) و (م): "الطير".
(٦) أخرجه القشيري في "الرسالة" (ص٢٠١) من طريق شيخه أبي عبد الرحمن السلمي؛ قال: سمعت أبا عثمان المغربي يقول ... ، فذكره. وعن القشيري نقله شيخ الإسلام في "الاستقامة" (١/ ٤١٢).
(٧) قوله: "إذا انقطع" ليس في (خ) و (م).
(٨) في (خ): "ممن".
(٩) في (خ): "وينبغي".
(١٠) أخرجه القشيري في الموضع السابق من طريق شيخه محمد بن أحمد بن محمد التميمي؛ قال: سمعت عبد الله بن علي يقول: سمعت الحصري يقول في بعض كلامه ... ، فذكره.
وعن القشيري نقله شيخ الإسلام في "الاستقامة" (١/ ٤١٦ ـ ٤١٧). وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" (١/ ٢٨٦).
(١١) كذا في جميع الأصول. ورجّح نور الدين شريبة في تعليقه على "طبقات الصوفية" للسلمي (ص٢٠٨) أنه محمد بن أحمد بن سالم البصري، وذكر أن كثيراً ما يخلطون بينه وبين أبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سالم.
قلت: أبو الحسن أحمد أبوه، فلو قال: يخلطون بينه وبين أبيه لكان أجود. وسبب الخلط أنه وأبوه من تلامذة سهل التستري، فإذا جاء في خبر: "قال ابن سالم" لم يتميز من هو. وانظر سير أعلام النبلاء (١٦/ ٢٧٢).
وقصة سهل هاهنا يرويها الابن محمد بن أحمد، ومن طريقه أخرجها القشيري في "الرسالة" (ص٢٠٥).