للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ (١): وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنس وَغَيْرُهُ مِنَ علماءِ الْمَدِينَةِ يَكْرَهُونَ إِتيان تِلْكَ الْمَسَاجِدِ، وَتِلْكَ الْآثَارِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم، ما عدا قُباءَ وحده (٢).

قال: وَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ أَن سُفْيَانَ (٣) دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَصَلَّى فِيهِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ تِلْكَ الْآثَارَ، وَلَا الصَّلَاةَ (٤) فِيهَا. وَكَذَلِكَ فَعَلَ غَيْرُهُ أَيضاً مِمَّنْ يُقتدى بِهِ.

وَقَدِمَ وَكِيعٌ أَيضاً مَسْجِدَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَمْ يعدُ فعلَ سُفْيَانَ.

قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ (٥): فَعَلَيْكُمْ بِالِاتِّبَاعِ لأَئمة الْهُدَى الْمَعْرُوفِينَ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ مَضَى: كَمْ مِنْ أَمر هُوَ الْيَوْمَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ كَانَ مُنْكَرًا عِنْدَ مَنْ مَضَى؟

وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ كُلَّ بِدْعَةٍ وإِن كَانَتْ فِي خَيْرٍ (٦).

وَجَمِيعُ هَذَا ذَرِيعَةٌ لِئَلَّا يُتّخذ سُنَّةً مَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ، أَو يُعَدّ مَشْرُوعًا ما ليس بمشروع (٧).

وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الْمَجِيءَ إِلى بَيْتِ المَقْدِس خِيفَةَ أَن يُتَّخذ ذَلِكَ سُنَّةً، وَكَانَ يَكْرَهُ مجيءَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ (٨)، وَيَكْرَهُ مجيءَ قُباءَ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ، مَعَ مَا جاءَ فِي الآثار من الترغيب فيه (٩).


=صحيح عن نافع ... "، فذكره.
وقد أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (٥/ ٢٨٧٦) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة؛ ثنا ابن عون؛ قال: بلغ عمر ... ، فذكره هكذا بإسقاط نافع من الإسناد، وهذا أشد انقطاعاً، لكن رواية ابن أبي شيبة وابن سعد أرجح، لاتفاق ثقتين على روايته عن ابن عون، عن نافع.
(١) في "البدع والنهي عنها" صفحة (٨٨).
(٢) وقع في المطبوع من "البدع والنهي عنها": "وأحداً".
(٣) أي: الثوري.
(٤) في (ر): "إلا الصلاة"، ويشبه أن تكون هكذا في (غ).
(٥) في "البدع والنهي عنها" صفحة (٨٩).
(٦) المصدر السابق صفحة (٩١).
(٧) في (خ) و (م): "ما ليس معروفاً".
(٨) أي: لمن كان بالمدينة من غير شدّ رحل إليها؛ لأن شدّ الرحال للقبور محرّم.
(٩) انظر "البدع والنهي عنها" صفحة (٩١).