للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخميس (١)، وإِن (٢) لَمْ يَثْبُتْ فَمَا مُسْتَنَدُكَ فِيهِ وَالْعَقْلُ لَا يُحَسِّنُ وَلَا يُقَبِّحُ، وَلَا شَرْعَ يُسْتَنَدُ إِليه؟ فَلَمْ يَبْقَ إِلا أَنه ابْتِدَاعٌ فِي التَّخْصِيصِ؛ كإِحداث الْخُطَبِ، وتحرِّي خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي بَعْضِ لَيَالِي رَمَضَانَ.

وَمِنْ ذَلِكَ: التحدُّث مَعَ الْعَوَامِّ بِمَا لَا تَفْهَمُهُ وَلَا تَعْقِلُ مَغْزاه (٣)، فإِنه مِنْ بَابِ وَضْعِ الْحِكْمَةِ غَيْرَ مَوْضِعِهَا، فَسَامِعُهَا إِما أَن يَفْهَمَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا ـ وَهُوَ الغالب ـ، وذلك (٤) فتنة تؤدي إِلى التكذيب بالحق، أَو إِلى (٥) العمل بالباطل. وإِما أَن لَا يَفْهَمُ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ أَسلم، وَلَكِنَّ المُحَدِّث لَمْ يُعْطِ الْحِكْمَةَ حَقَّها مِنَ الصَّوْن، بل صار في التحدُّث بها كالعابث بنعمة الله.


(١) وردت عدة أحاديث في فضل صيام الإثنين والخميس، ذكرها الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل" (٩٤٨ و٩٤٩)، وصحح الحديث بمجموعها، ومنها:
حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢٠١)، والنسائي (٢٣٥٨)، وفيه: قلت: يا رسول الله! إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم، إلا يومين، إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما! قال: "أي يومين"؟ قلت: يوم الإثنين ويوم الخميس، قال: "ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم".
وقد روياه من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن ثابت بن قيس، عن أبي سعيد المقبري، عن أسامة، به.
وثابت بن قيس هذا هو الغفاري، أبو الغصن المدني، وهو صدوق يهم كما في "التقريب" (٨٣٦)، وقد حسن حديثه هذا الشيخ الألباني في الموضع السابق، كما حسنه قبله المنذري في "مختصر السنن" (٣/ ٣٢٠).
وقد توبع ثابت؛ فأخرجه أبو داود (٢٤٢٨) من طريق مولى قدامة بن مظعون، عن مولى أسامة، عن أسامة. ومولى قدامة ومولى أسامة كلاهما مجهول. انظر "تهذيب الكمال" (٣٥/ ٩٧).
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢١١٩) من طريق أبي بكر بن عياش، عن عمر بن محمد، عن شرحبيل بن سعد، عن أسامة، به.
وشرحبيل بن سعد المدني صدوق اختلط بآخره كما في "التقريب" (٢٧٧٩)،
فالحديث حسن بمجموع هذه الطرق، ويتقوى بالطرق الأخرى على ما فيها من ضعف.
(٢) في (خ) و (م) و (ت): "فإن".
(٣) في (خ) و (ت): "معناه".
(٤) في (خ) و (م): "وهو".
(٥) في (خ): "وإلى".