للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ إِنْ أَلقاها (١) لِمَنْ لَا يَعْقِلُهَا (٢) فِي معرض الانتفاع بها (٣) بَعْدَ تعقُّلها؛ كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ، وَقَدْ جاءَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ.

فَخَرَّجَ أَبو دَاوُدَ (٤) حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلّم: أَنه نهى عن الغَلُوطات (٥). قَالُوا: وَهِيَ صِعَابُ (٦) الْمَسَائِلِ، أَو شِرَارُ الْمَسَائِلِ.

وَفِي التِّرْمِذِيِّ ـ أَو غَيْرِهِ (٧) ـ: أَن رَجُلًا أَتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا


(١) في (غ) و (ر): "إلقاءها".
(٢) في (ر) و (غ): "لمن يعقلها".
(٣) قوله: "بها" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٤) في "سننه" (٣٦٤٨) من طريق عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن عبد الله بن سعد، عن الصُّنَابِجي، عن معاوية؛ أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الغلوطات.
وأخرجه الإمام أحمد (٥/ ٤٣٥)، والبخاري في "التاريخ الكبير" (٥/ ١٠٦)، والفسوي في "المعرفة" (١/ ٣٠٥)، والطبراني في "الكبير" (١٩/ ٣٨٠ رقم ٨٩٢)، وفي "الأوسط" (٨/ ١٣٧ رقم ٨٢٠٤)، جميعهم من طريق عيسى بن يونس، به.
زاد بعضهم عن الأوزاعي قوله: "الغلوطات: صعاب المسائل وشدادها". وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" بتحقيق الأعظمي (١١٧٩) عن عيسى بن يونس، به، إلا أنه لم يسمّ معاوية رضي الله عنه، وإنما قال: "عن رجل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم".
ثم قال سعيد: "هذا عن معاوية، ولكنه لم يسمِّه".
وكذا رواه الإمام أحمد في الموضع السابق من "مسنده"، والحارث في "مسنده" (٦٢/ بغية الباحث)، كلاهما من طريق روح، عن الأوزاعي.
ومدار الحديث على عبد الله بن سعد بن فروة البجلي وهو مجهول كما قال أبو حاتم. وقال دُحَيم: لا أعرفه. وقال الساجي: ضعفه أهل الشام في الحديث. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ. اهـ من "تهذيب الكمال" (٥/ ٢٠)، و"تهذيب التهذيب" (٢/ ٣٤٤). ومع ذلك ففي الحديث اختلاف على الأوزاعي أشار إليه الدارقطني في "العلل" (٧/ ٦٧)، ورجح رواية عيسى بن يونس.
ومنه يتبيّن أن الحديث ضعيف، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في "ضعيف الجامع" (٦٠٣٥).
(٥) في (ت): "الأغلوطات".
(٦) في (خ): "صفات". وعلق عليه رشيد رضا رحمه الله بقوله: في نسختنا: "صفات"، وهو غلط، والغلوطات جمع غلوطة ـ بالفتح ـ؛ قيل: هي غلوط؛ من الغلط؛ كحلوب، أو ركوب، جعلت أسماء، فألحقت بها التاء؛ كحلوبة، وركوبة. وقيل: أصلها: أغلوطة، حذفت همزاتها المضمومة للتخفيف. والأغلوطة: ما يغلط فيه، وما يغلط به من المسائل الصعاب. اهـ.
(٧) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٤)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"=