للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي مسلم (١) موقوفاً (٢) على (٣) ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "مَا أَنت بمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً".

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ (٤): وَذَلِكَ أَن يتأَوَّلوه غَيْرَ تأْويله، وَيَحْمِلُوهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ.

وَخَرَّجَ شُعْبَة (٥) عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الْحَضْرَمِيِّ أَنه قَالَ: إِن عَلَيْكَ فِي عِلْمِكَ حَقًّا، كَمَا أَن عَلَيْكَ فِي مَالِكِ حَقًّا، لَا تحدِّث بِالْعِلْمِ غَيْرَ أَهله فَتَجْهَلُ، وَلَا تَمْنَعِ الْعِلْمَ أَهله فتأْثم، وَلَا تحدِّث بِالْحِكْمَةِ عِنْدَ السفهاءِ فيكذِّبوك (٦)، وَلَا تحدِّث بِالْبَاطِلِ عِنْدَ الحكماءِ فَيَمْقَتُوكَ.

وَقَدْ ذَكَرَ العلماءُ هَذَا الْمَعْنَى فِي كُتُبِهِمْ وَبَسَطُوهُ بَسْطًا شَافِيًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وإِنما نبَّهنا عَلَيْهِ لأَن كَثِيرًا مِمَّنْ لَا يَقْدُر قدرَ هَذَا الْمَوْضِعِ يَزِلّ فِيهِ، فيحدِّث النَّاسَ بِمَا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، وَهُوَ عَلَى خِلَافِ الشَّرْعِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ هَذِهِ الأُمة.

وَمِنْ ذَلِكَ أَيضاً: جَمِيعُ مَا تقدم في فصل: السُّنَّةِ الَّتِي يَكُونُ الْعَمَلُ بِهَا ذَرِيعَةً إِلى البدعة (٧)؛ من حيث إِنها أَنواع (٨) عُمِلَ بها لم (٩) يعمل


(١) في مقدمة "صحيحه" (١/ ١١).
(٢) في (خ): "مرفوعاً".
(٣) في (خ) و (ت) و (م): "عن" بدل "على".
(٤) لم أجده.
(٥) كذا في (ت)، ويشبه أن تكون هكذا في (خ) "أيضاً"، وفي (م): "سقية"، وفي (غ) و (ر): "شقبة"، وفي ظَني أنها متصحفة إما عن "سعيد" وهو ابن منصور الذي يخرج المصنف عنه كثيراً، أو عن "سنيد"، ـ وهو لقب لحسين بن داود ـ، وهذا أخرج الحديث من طريقه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٧٠٨)، عن عيسى بن يونس، عن حريز بن عثمان، عن سليمان بن سمير، عن كثير بن مرة، به. وأخرجه الإمام أحمد في "الزهد" (ص٤٦٢)، والدارمي في "مقدمة السنن" (١/ ١٠٥)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص٥٧٥)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٦٣٠/ ط السلفية)، وفي "المدخل" (٦١٨)، والخطيب في "الجامع" (٧٥٤ و٧٨٢)، جميعهم من طريق حريز بن عثمان، عن سلمان ـ أو سليمان ـ بن سمير، عن كثير، به.
وسلمان ـ أو سليمان ـ بن سُمَير الألهاني، الشامي مقبول كما في "التقريب" (٢٤٨٨).
(٦) في (ت) و (م): "فيكذبونك".
(٧) انظر (ص٢٢٩).
(٨) قوله: "أنواع" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٩) في (ت) و (خ): "ولم".