للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهَا (١) سَلَفُ هَذِهِ (٢) الأُمة.

وَمِنْهُ: تَكْرَارُ السُّورَةِ الْوَاحِدَةِ فِي التِّلَاوَةِ أَو فِي الرَّكْعَةِ الْوَاحِدَةِ، فإِن التِّلَاوَةَ لَمْ تُشْرَعْ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ، وَلَا أَن يُخَصَّ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ (٣) دُونَ شيءٍ، لَا فِي صَلَاةٍ وَلَا فِي غَيْرِهَا، فَصَارَ المخصِّص لَهَا عَامِلًا برأْيه فِي التعُّبد لِلَّهِ.

وَخَرَّجَ ابْنُ وَضَّاحٍ (٤) عَنْ مُصْعَبٍ قَالَ: سُئِل سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ يُكْثِرُ قراءَة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *}، لَا يقرأُ غَيْرَهَا كَمَا يَقْرَؤُهَا، فَكَرِهَهُ وَقَالَ: إِنما أَنتم مُتَّبِعُونَ، فَاتَّبِعُوا الأَوّلين، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْهُمْ نَحْوُ هَذَا، وإِنما أُنزل الْقُرْآنُ ليُقرأ وَلَا يُخَصّ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ.

وَخَرَّجَ أَيضاً (٥) ـ وَهُوَ فِي "العتبيَّة" (٦) مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ـ عن مالك رحمه الله: أَنه سُئِل عن قراءَة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ *} مراراً في ركعة واحدة (٧)، فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ مُحْدَثَاتِ الأُمور الَّتِي أَحدثوا.

وَمَحْمَلُ هَذَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (٨) مِنْ بَابِ الذَّرِيعة، ولأَجل ذَلِكَ لَمْ يأْت مِثْلُهُ عَنِ السَّلَفِ (٩)، وإِن كَانَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَ القرآن؛ كما في "الصحيح" (١٠)، وهو صحيح من التأويل (١١)، فتأَمله في الشرح (١٢).


(١) قوله: "بها" سقط من (م)، وفي موضعه علامة لحق، ولم يظهر في التصوير.
(٢) قوله: "هذه" ليس في (غ) و (ر).
(٣) في (خ) و (ت) و (م): "شيئاً".
(٤) في "البدع والنهي عنها" (١٠٨) من طريق شيخه محمد بن عمرو الغزي، عن مصعب، به. وأعله المحقق بالانقطاع بين محمد بن عمرو الغزي ومصعب ـ وهو إما ابن ماهان، أو ابن المقدام ـ؛ فإنه لم يدرك أيًّا منهما.
(٥) أي ابن وضاح برقم (١٠٩) بسند صحيح عن مالك.
(٦) كما في شرحها: "البيان والتحصيل" لابن رشد (١/ ٣٧١).
(٧) في (خ) و (ت) و (م): "الركعة الواحدة".
(٨) في الموضع السابق من "البيان والتحصيل".
(٩) في (غ): "السبب" بدل "السلف".
(١٠) أي: "صحيح البخاري" (٥٠١٣) من حديث أبي سعيد، ومسلم (٨١١ و٨١٢) من حديث أبي الدرداء وأبي هريرة.
(١١) قوله: "من التأويل" ليس في (خ) و (ت) و (م).
(١٢) أي: "البيان والتحصيل" شرح "العتبيّة".