للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَثِيرٌ مِنْ هَذَا عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ.

وَقَدْ كَرِهَ (١) مَالِكٌ (٢) إِتْباعَ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، وَوَافَقَهُ أَبو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: لَا أَستحبها، مَعَ مَا جاءَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (٣)، وأَخبر مَالِكٌ (٤) عَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ يُقتدى بِهِ (٥): أَنهم كَانُوا لَا يَصُومُونَهَا وَيَخَافُونَ بِدَعَتَهَا.

وَمِنْهُ: ما تقدم (٦) في اتباع الآثار (٧)؛ كمجيءِ "قبا" (٨)، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فكلُّ عَمَلٍ أَصله ثَابِتٌ شَرْعًا، إِلا أَن فِي إِظهار (٩) الْعَمَلِ بِهِ والمُدَاومة (١٠) عَلَيْهِ مَا يُخاف أَن يُعتقد أَنه سُنَّةٌ، فَتَرْكُهُ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ أَيضاً، مِنْ بَابِ سَدّ الذَّرائع، وَلِذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ دعاءَ التوجُّه بَعْدَ الإِحرام، وَقَبْلَ القراءَة (١١)، وَكَرِهَ غَسْلَ اليد قبل الطعام (١٢)، وأَنكر على


(١) في (خ): "وقد ذكره".
(٢) في "الموطأ" (١/ ٣١١). وانظر ما تقدم (ص٣٥٧ ـ ٣٥٨) من المجلد الأول، وما سيأتي (ص٣٥٥ و٤٩١ ـ ٤٩٣).
(٣) أخرج مسلم (١١٦٤) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه مرفوعاً: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
(٤) في الموضع السابق من "الموطأ".
(٥) قوله: "به" سقط من (ر).
(٦) (ص٢٤٨) من هذا المجلد.
(٧) علق رشيد رضا رحمه الله على هذا الموضع بقوله: "أي: ترك الصحابة اتباع الأماكن التي صلى فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو جلس فيها، ونهيهم عند ذلك".
(٨) انظر "البدع والنهي عنها" لابن وضاح (ص٩١).
(٩) في (ر) و (غ): "الإظهار".
(١٠) في (ر) و (غ): "أو المداومة".
(١١) المقصود بالإحرام هنا: التكبير للصلاة، قال في "المدونة" (١/ ٦٦): " .... وكان مالك لا يرى هذا الذي يقوله الناس، سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، وكان لا يعرفه".
وقال: "قال مالك: ومن كان وراء الإمام، ومن هو وحده، ومن كان إِماماً، فلا يَقُل: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ولكن يكبروا، ثم يبتدؤا القراءة".
وهو في كتب المالكية، ففي "التاج والإكليل" (١/ ٥٣٨): أن ابن حبيب قال في دعاء التوجه: "يقوله بعد الإقامة، وقبل الإحرام".
(١٢) ذكر القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (٢/ ٩٩) أن الإمام مالكاً دخل على=