للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلك (١) الثَّانِي: مَا دلَّ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الذَّرَائِعِ على أَن الذريعة (٢) فِي الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ المُتَذرَّع إِليه، وَمِنْهُ: مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ (٣) مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: "إن (٤) مِنْ أَكبر الْكَبَائِرِ أَن يَسُبَّ الرجلُ وَالِدَيْهِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهَلْ يسبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ (٥)؟! قَالَ: "نَعَمْ (٦)؛ يسبُّ أَبا الرَّجُلِ فيسُبّ أباه (٧)، ويسبُّ أُمَّه فيسبُّ أُمَّه" (٨). فَجَعَلَ سَبَّ الرَّجُلِ لِوَالِدَيْ (٩) غَيْرِهِ بِمَنْزِلَةِ سَبِّه لوالدي (١٠) نفسه، حتى عَدَّها (١١) تَرْجَمَهُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: "أَن يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ"، وَلَمْ يَقُلْ: أَن يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْ مَنْ يَسُبُّ وَالِدَيْهِ، أَو نَحْوَ ذَلِكَ. وَهُوَ غَايَةُ في مَعْنَى مَا نَحْنُ فِيهِ.

وَمِثْلُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ أُمّ وَلَد زَيْدِ بْنِ أَرْقَم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَوْلُهَا: أَبلغي (١٢) زيدَ بْنَ أَرقم أَنه قَدْ أَبطل جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِن لَمْ يَتُبْ (١٣). وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا الْوَعِيدُ فِيمَنْ فَعَلَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، لَا


(١) في (ت) و (خ) و (م): "المسلك".
(٢) في (ت) و (خ): "الذرائع".
(٣) أخرجه البخاري (٥٩٧٣)، ومسلم (٩٠) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٤) قوله: "إن" ليس في (خ) و (م) و (ت).
(٥) قوله: "والديه" مكرر في (ر).
(٦) قوله: "نعم" سقط من (غ) و (ر).
(٧) في (ت) و (خ): "فيسب أباه وأمه".
(٨) قوله: "ويسب أمه فيسب أمه" سقط من (ت) و (خ)، وقوله: "فيسب أمه" سقط من (م).
(٩) في (غ): "والدي".
(١٠) في (خ) و (م) و (ت): "لوالديه".
(١١) قوله: "عدها" سقط من (خ) و (م) و (ت).
(١٢) في (خ) و (م): "أبلغني".
(١٣) في (خ): "يبت"، ولذا علق عليها رشيد رضا بقوله: "العبارة كما ترى مبتورة، ولعل ها هنا حذفاً، وفي سائر الكلام تحريفاً.
والحديث أخرجه عبد الرزاق (٨/ ١٨٤ ـ ١٨٥) واللفظ له، وأحمد كما في "إعلام الموقعين" (٣/ ١٦٧)، و"نصب الراية" (٤/ ١٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١/ ٥٤٦)، والدارقطني (٣/ ٥٢)، والبيهقي (٥/ ٣٣٠ ـ ٣٣١) من طريق أبي إسحاق، عن امرأته: أنها دخلت على عائشة في نسوة، فسألتها امرأة فقالت: يا أم المؤمنين! كانت لي جارية، فبعتها من زيد بن أرقم بثمان مئة إلى أجل، ثم اشتريتها منه بست مئة، فنقدته الست مئة وكتبت عليه ثمان مئة. فقالت عائشة: بئس والله ما اشتريت! وبئس والله ما اشترى! أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلا أن يتوب. فقالت المرأة: أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل؟ قالت:=