للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْعِيدَيْنِ (١)، وَبِدْعَةِ (٢) الِاعْتِمَادِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى إِحدى (٣) الرِّجْلَيْنِ (٤)، وَمَا أَشبه ذَلِكَ. فَهَذَا الْقِسْمُ لَا تَتَعَدَّى فِيهِ الْبِدْعَةُ مَحَلَّهَا، وَلَا تَنْتَظِمُ (٥) تَحْتَهَا غيرَها حَتَّى تَكُونَ أَصلاً لَهَا.

فَالْقِسْمُ الأَول إِذا عُدَّ مِنَ الْكَبَائِرِ اتَّضَحَ مَغْزَاهُ، وأَمكن أَن يَكُونَ مُنْحَصِرًا دَاخِلًا تَحْتَ عُمُومِ الثِّنْتَيْنِ وَالسَّبْعِينَ فِرْقَةٍ، وَيَكُونُ الْوَعِيدُ الْآتِي فِي الْكِتَابِ والسنة مخصوصاً به لاعامّاً فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَيَكُونُ مَا عَدَا ذَلِكَ ـ وهو القسم الثاني (٦) ـ مِنْ قَبِيلِ اللَّمَم الْمَرْجُوِّ فِيهِ الْعَفْوُ الَّذِي لَا يَنْحَصِرُ إِلى ذَلِكَ الْعَدَدِ، فَلَا قَطْعَ على أَن جميعها من قَبِيلِ الكبائر (٧)، وَقَدْ ظَهَرَ وَجْهُ انْقِسَامِهَا.

وَالثَّالِثُ: أَن الْمَعَاصِيَ قَدْ ثَبَتَ انْقِسَامُهَا إِلى الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ، وَلَا شَكَّ أَن الْبِدَعَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعَاصِي ـ عَلَى مُقْتَضَى الأَدلة الْمُتَقَدِّمَةِ ـ، وَنَوْعٌ مِنْ أَنواعها، فَاقْتَضَى إِطلاق التَّقْسِيمِ أَنَّ الْبِدَعَ تَنْقَسِمُ أَيضاً، وَلَا تُخَصُّ وحدها (٨) بِتَعْمِيمِ الدُّخُولِ فِي الْكَبَائِرِ، لأَن ذَلِكَ تَخْصِيصٌ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّص، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُعْتَبَرًا لَاسْتُثْنِيَ مَنْ تَقَدَّم مِنَ العلماءِ الْقَائِلِينَ (٩) بِالتَّقْسِيمِ قِسْمُ الْبِدَعِ، فَكَانُوا يَنُصّون عَلَى أَن الْمَعَاصِيَ ـ مَا عَدَّا الْبِدَعَ ـ تَنْقَسِمُ إِلى الصَّغَائِرِ وَالْكَبَائِرِ، إِلا أَنهم لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلى الاستثناءِ، وأَطلقوا الْقَوْلَ بِالِانْقِسَامِ، فَظَهَرَ أَنه شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَنواعها.

فإِن (١٠) قِيلَ: إِن ذَلِكَ التَّفَاوُتَ لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى إِثبات الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا، وإِنما يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنها تَتَفَاضَلُ، فَمِنْهَا ثَقِيلٌ وأَثقل، ومنها خفيف


(١) تقدمت الإشارة إليه صفحة (٣١٩).
(٢) في (ر) و (غ): "وبدعة ترك".
(٣) في أصل (ت): "كلا"، وأشار في الهامش إلى أن في نسخة: "إحدى" بدل "كلا".
(٤) تقدمت الإشارة إليه في الصفحة السابقة.
(٥) في (ر) و (غ): "ينتظم".
(٦) قوله: "وهو القسم الثاني" من (ر) و (غ) فقط.
(٧) قوله: "الكبائر" سقط من (م)، وفي (خ) و (ت) بدلاً منه: "واحد".
(٨) في (خ) و (م): "ولا يخصص وجوهاً" وفي (ت): "ولا تخصص وجوهاً".
(٩) قوله: "القائلين" سقط من (غ).
(١٠) قوله: "فإن" سقط من (م).