للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذمومة، فحينئذ تصير (١) فِي دَرَجَةِ الذَّنْبِ، فإِذا كَانَتْ (٢) كَذَلِكَ صَارَتْ كَبِيرَةً بِلَا شَكٍّ، فإِن كَانَ دَاعِيًا إِليها فَهُوَ (٣) أَشد، وإِن كَانَ الْإِظْهَارُ بَاعِثًا عَلَى الِاتِّبَاعِ؛ فبالدعاءِ يَصِيرُ (٤) أَدعى إِليه.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ: أَن رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسرائيل ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَدَعَا النَّاسَ إِليها فَاتُّبعَ، وأَنه لَمَّا عَرَفَ (٥) ذَنْبَهُ عَمَدَ إِلى تَرْقُوَتِهِ فَنَقَبَهَا، فأَدخل (٦) فِيهَا حَلْقَةً، ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً، ثم أوثقها في شجرة؛ فجعل يَبْكِي ويَعِجّ إِلى رَبِّهِ، فأَوحى اللَّهُ إِلى نَبِيِّ تِلْكَ الأُمة: أَن لَا تَوْبَةَ لَهُ (٧)، قَدْ غُفِرَ لَهُ الَّذِي أَصاب؛ فَكَيْفَ بِمَنْ أَضَلَّ (٨) من الناس (٩)، فَصَارَ مِنْ أَهل (١٠) النَّارِ (١١) (١٢)؟!.

وأَما اتِّخَاذُهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا السُّنَنُ: فَهُوَ كالدعاءِ إِليها بالتصريح؛ لأَن محل (١٣) إِظهار الشعائر (١٤) الإِسلامية يوهم (١٥) أَن كل ما


(١) في (م) و (ت) و (خ): "يصير".
(٢) في (ر) و (غ): "كان".
(٣) في (ت): "فهي".
(٤) كذا في (خ) و (ت)، وفي (ر) و (غ): "فالدعاء نصاً" وفي (م): "فالدعاء نصٌ".
(٥) في (ت): "علم" بدل "عرف".
(٦) في (ت): "فثقبها وأدخل".
(٧) قوله: "له" سقط من (ر) و (غ).
(٨) في (خ) و (م) و (ت): "ضل".
(٩) قوله: "من الناس" من (ر) و (غ) فقط.
(١٠) قوله: "أهل" في موضعه بياض في (م).
(١١) قوله: "فصار من أهل النار" سقط من (ر) و (غ) وفي "البدع" لابن وضاح (٧٢): "فكيف من أضل فصار إلى النار".
(١٢) أخرجه ابن وضاح في "البدع والنهي عنها" (٧٢) من طريق أسد بن موسى، قال: نا بعض أصحابنا، عن إسماعيل بن عياش، عن أبان بن أبي عياش، عن الحسن به.
وإسناده ضعيف جداً؛ لإبهام شيخ أسد، ولأن أبان بن أبي عيّاش البصري متروك؛ كما في "التقريب" (١٤٣)، ولأن إسماعيل بن عيّاش الحمصي ضعيف إذا روى عن غير الشاميين، ففي "التقريب" (٤٧٧): "صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلِّط في غيرهم"، وهذا من روايته عن أبان، وهو بصري، ثم لو صَحّ هذا عن الحسن البصري لما كان حجّة؛ لأنه من الإسرائيليات، وليس هناك ما يحوج الشاطبي رحمه الله لإيراد مثل هذه الحكايات التي لا تصح، وتنافي ما هو معلوم من الدين بالضرورة من فتح باب التوبة!!.
(١٣) في (خ): "عمل" بدل "محل"، وفي (م): "محمل"، وفي (ت): "محال".
(١٤) في (ت) و (خ): "الشرائع".
(١٥) في (ت) و (خ): "توهم".