للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ فُسِّرَ التَّثْوِيبَ الَّذِي أَشار إِليه مَالِكٌ: بأَن الْمُؤَذِّنَ كَانَ إِذا أَذَّن فأَبطأَ النَّاسُ؛ قَالَ بَيْنَ الأَذان والإِقامة: "قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ" (١)، وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِمْ عِنْدَنَا: الصَّلَاةُ، رَحِمَكُمُ اللَّهُ!.

وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (٢) بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما أَنه دخل مسجداً يريد (٣) أَن يُصَلِّيَ فِيهِ، فثوَّب الْمُؤَذِّنُ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: اخْرُجْ بِنَا (٤) مِنْ عِنْدِ هَذَا الْمُبْتَدَعِ! وَلَمْ يَصُلِّ فيه (٥).

قال ابن رشد (٦): وهو (٧) نَحْوٌ مِمَّا كَانَ يُفعل عِنْدَنَا بِجَامِعِ قُرْطُبَةَ؛ مِنْ أَنْ يُفْرِدُ (٨) الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ أَذَانِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ النداءَ عِنْدَ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ: حَيَّ عَلَى الصلاة، ثم تُرِكَ. قَالَ: وَقِيلَ: إِنما عَنَى بِذَلِكَ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ فِي أَذانه: حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ؛ لأَنها كَلِمَةٌ زَادَهَا فِي الأَذان مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ من الشيعة.


=تكون: "فتخصه". ومعنى "فمحضه": أي: جعلوه خالصاً للصلاة؛ بمعنى خصّوها به، وهذا يقرب مما في (خ) و (ت)، والله أعلم.
(١) انظر ما تقدم (ص٣٨٣ ـ ٣٨٤ و٣٩٤) من هذا الجزء.
(٢) قوله: "عبد الله" من (ر) و (غ) فقط.
(٣) قوله: "يريد" ليس في (م)، وفي (خ) و (ت): "أراد".
(٤) علق رشيد رضا على هذا الموضع بقوله: "يظهر أنه كان معه صاحب قال له ذلك. وهل كان في كلام المصنف تصريح بذلك سقط من الناسخين أم لا؟ الله أعلم".اهـ. وليس هناك سقط، ولكن المصنف لم يذكر اسم مجاهد في الرواية، وهو كان مع ابن عمر.
(٥) هذا الأثر أخذه المصنف ـ فيما يظهر ـ من "البيان والتحصيل" لابن رشد (١/ ٤٣٥)؛ فإنه ذكره هناك، ثم ذكر الكلام الآتي نقله عنه. وقد أخرجه أبو داود (٥٣٨) ـ ومن طريقه البيهقي (١/ ٤٢٤) ـ من طريق سفيان الثوري، عن أبي يحيى القتّات، عن مجاهد؛ قال كنت مع ابن عمر ... ، فذكره.
قال: النووي في "المجموع" (٣/ ١٠٦): "ليس إسناده بالقوي".اهـ. وعِلّته أبو يحيى القتات فإنه لين الحديث كما في "التقريب" (٨٥١٢).
وأخرجه عبد الرزاق (١/ ٤٧٥) عن ابن عيينة، عن ليث، عن مجاهد، به، وليث هو: ابن أبي سُليم، وهو ضعيف. انظر "التقريب" (٥٧٢١).
(٦) في "البيان والتحصيل" (١/ ٤٣٥ ـ ٤٣٦).
(٧) كذا في (ر) و (غ) و"البيان والتحصيل"، وفي باقي النسخ: "وهذا".
(٨) كذا في جميع النسخ، وفي "البيان والتحصيل" "يعود" بدل "يفرد".