للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذِهِ الأَحاديث وأَمثالها مِمَّا أَخبر بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه يَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمة بَعْدَهُ: إِنما هُوَ ـ فِي الْحَقِيقَةِ ـ تبديل للأَعمال (١) الَّتِي كَانُوا أَحقَّ بالعَمل بِهَا، فَلَمَّا عُوِّضُوا منها غيرها، وفشا فيها حتى (٢) كأَنه مِنَ الْمَعْمُولِ بِهِ تَشْرِيعًا، كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَوَادِثِ الطَّارِئَةِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّن القرافي (٣) ومن ذهب مذهبه، فأكثرها جارٍ في العادات، لا في العبادات؛ فليكن الابتداع ثابتاً في العادات كما اتفق على جريانه (٤) فِي الْعِبَادَاتِ.

وَالَّذِينَ ذَهَبُوا إِلى أَنه مُخْتَصٌّ بالعبادات لا يُسَلِّمون جميع ما ذكره (٥) الأَوّلون (٦).

أَما مَا تَقَدَّمَ عَنِ الْقَرَافِيِّ وَشَيْخِهِ (٧): فَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَنْهُ (٨)، فإِنها (٩) معاصٍ فِي الْجُمْلَةِ، وَمُخَالَفَاتٌ لِلْمَشْرُوعِ، كالمُكُوس، وَالْمَظَالِمِ، وَتَقْدِيمِ الْجُهَّالِ عَلَى العلماءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالْمُبَاحُ مِنْهَا (١٠) كَالْمَنَاخِلِ، إِنْ فُرِضَ مُبَاحًا ـ كَمَا قَالُوا ـ: فإِنما إِباحته بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ، فَلَا ابْتِدَاعَ (١١) فِيهِ.

وإِن فُرِضَ مكروهاً ـ كما أَشار إليه كلام (١٢) محمد بن أَسلم ـ (١٣):


(١) في (ت) و (خ) و (م): "الأعمال".
(٢) قوله: "حتى" من (ر) و (غ) فقط.
(٣) في "الفروق" (٤/ ٣٤٨ ـ ٣٤٩)، وتقدم هذا (ص٣٧٥).
(٤) من قوله: "القرافي ... " إلى هنا سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٥) قوله: "ما ذكره" سقط من (خ) وجاء في (ت) و (م): "ذلك" بدلاً منه.
وبسبب سقط قوله: "ما ذكره" أشكلت العبارة على رشيد رضا، فعلّق على هذا الموضع بقوله: كذا! ولا بدّ أن يكون قد سقط من هذا كلام، ولعل أصله: "لا يسلمون جميع ما قاله الأولون"، أو: "جميع ما ذهب إليه الأولون".اهـ.
(٦) في (ت): "ويقولون" بدل "الأولون".
(٧) أي: العز بن عبد السلام. راجع ص (٤١٦ ـ ٤١٧).
(٨) انظر (ص٣٢٧) فما بعد من المجلد الأول.
(٩) في (ت): "بأنها".
(١٠) قوله: "منها" ليس في (غ) و (ر).
(١١) في (ت) و (خ) و (م): "اتباع".
(١٢) قوله: "كلام" سقط من (خ) و (ت).
(١٣) المتقدم ص (٤١٧ ـ ٤١٨).