للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَو في أَوقات محدودة، وعلى (١) كيفيات مضروبة، بحيث تضاهي التشريع (٢) الدَّائِمَ الَّذِي يُحمل عَلَيْهِ الْعَامَّةُ، وَيُؤْخَذُونَ بِهِ، وتُوجَّه عَلَى الْمُمْتَنِعِ مِنْهُ الْعُقُوبَةُ (٣)، كَمَا فِي أَخذ زَكَاةِ الْمَوَاشِي وَالْحَرْثِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ.

فأما الأول: فلا إشكال أنه مجرّد معصية إذا كان ظُلماً وتعدِّياً من غير سبب ظاهر، ولا يقال في هذا: إنه بدعة؛ لخروجه عن حدِّ البدعة (٤).

وأما (٥) الثَّانِي: فَظَاهِرٌ أَنه بِدْعَةٌ، إِذ هُوَ تَشْرِيعُ زَائِدٌ، وإِلزامٌ للمكلَّفين يُضَاهِي إِلزامهم الزَّكَاةَ (٦) الْمَفْرُوضَةَ، وَالدِّيَاتِ الْمَضْرُوبَةَ، وَالْغَرَامَاتِ الْمَحْكُومِ بِهَا فِي أَموال الغُصَّاب والمتعدين، بَلْ صَارَ فِي حقِّهم كَالْعِبَادَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَاللَّوَازِمِ (٧) الْمَحْتُومَةِ، أَو مَا أَشبه ذَلِكَ. فَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ يَصِيرُ بِدْعَةً بِلَا شَكٍّ؛ لأَنه شَرْعٌ مُستدرك، وسَنن (٨) فِي التَّكْلِيفِ مَهْيَعٌ (٩)، فَتَصِيرُ المُكُوسُ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ لَهَا نَظَرَانِ:

نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا مُحَرَّمَةً عَلَى الْفَاعِلِ أَن يَفْعَلَهَا، كَسَائِرِ أَنواع الظُّلْمِ.

وَنَظَرٌ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا اخْتِرَاعًا لِتَشْرِيعٍ يُؤخذ بِهِ النَّاسُ إِلى الْمَوْتِ (١٠) كَمَا يُؤْخَذُونَ بِسَائِرِ التَّكَالِيفِ. فَاجْتَمَعَ فِيهَا نَهْيَانِ: نَهْيٌ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، وَنَهْيٌ عَنِ الْبِدْعَةِ، وَلَيْسَ ذلك بموجود (١١) في البدع في القسم الأَوّل،


(١) في (ت) و (خ): "على" بدون واو.
(٢) في (خ) و (ت): "المشروع".
(٣) في (ر) و (غ): "العقوبات".
(٤) من قوله: "فأما الأول ... " إلى هنا سقط من (خ) و (م) و (ت).
(٥) في (خ): "فأما".
(٦) في (ر) و (غ): "الزكوات".
(٧) في (ت): "والإلزامات".
(٨) في (خ): "وسن".
(٩) مَهْيَعٌ: واضح وبيِّن. انظر "لسان العرب" (٨/ ٣٧٩).
(١٠) من قوله: "كسائر أنواع ... " إلى هنا سقط من (غ) و (ر).
(١١) في (خ) و (ت): "موجوداً" وفي (م): "موجود".