للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلِ الَّذِي يَسْتَحِلّ الْخَمْرَ زَاعِمًا أَنه (١) لَيْسَ خمراً، مع علمه (٢) بأَن معناه معنى الْخَمْرَ، وَمَقْصُودُهُ مَقْصُودُ الْخَمْرُ، أَفسدُ (٣) تأْويلاً؛ مِنْ جِهَةِ أَن أَهل الْكُوفَةِ مِنْ أَكثر (٤) النَّاسِ قِيَاسًا (٥)؛ فَلَئِنْ كَانَ مِنَ الْقِيَاسِ مَا هُوَ حَقٌّ، فإِن قِيَاسَ الْخَمْرِ المَنْبوذةِ عَلَى الْخَمْرِ العَصِيرةِ مِنَ الْقِيَاسِ فِي مَعْنَى الأَصل، وَهُوَ مِنَ الْقِيَاسِ الجَليّ؛ إِذ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ مَا يُتوهَّم أَنه مُؤَثِّرٌ فِي التَّحْرِيمِ.

فإِذا كَانَ هؤلاءِ الْمَذْكُورُونَ فِي الْحَدِيثِ إِنما شَرِبُوا الْخَمْرَ اسْتِحْلَالًا لَهَا؛ لَمَّا ظَنُّوا أَن المُحَرَّمَ مجردُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، وَظَنُّوا أَن لَفْظَ الْخَمْرِ لَا يَقَعُ عَلَى غَيْرِ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيْءِ، فشُبهتهم فِي اسْتِحْلَالِ الْحَرِيرِ والمعازف أَظهر، فإِنه قد (٦) أُبيح الحرير للنساءِ (٧) مطلقاً (٨)،


=من شيوخ ابن جريج، مع كونه من أقرانه؛ كما في "تهذيب الكمال" (٣٣/ ١٥٩). فبما أن ابن جريج معروف بالتدليس، وهو لم يسمع من عكرمة، ورواية عبد الرزاق للحديث عنه أوضحت أنه يرويه عن واسطة أبهمه، عن عكرمة، ورواية ابن المبارك أوضحت أن أبا بكر الهذلي يروي هذا الحديث عن عكرمة، والهذلي هذا من شيوخ ابن جريج، فالذي يغلب على الظن أنه هو الذي أبهمه ابن جريج ودلّسه، وهو أخباري متروك الحديث كما في "التقريب" (٨٠٥٩).
وأما رواية الحاكم: ففيها يحيى بن سُلَيم الطائفي، وهو صدوق سيِّء الحفظ كما في "التقريب" (٧٦٦٣)، والله أعلم.
(١) قوله: "أنه" سقط من (خ).
(٢) في (ت): "مع العلم".
(٣) في (خ): "فسد".
(٤) قوله: "من أكثر" مكرر في (ت).
(٥) كذا جاءت العبارة في جميع النسخ، وتقدم أن المصنف أخذها عن شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه "إقامة الدليل على إبطال التحليل" (ص١٢٨ ـ ١٢٩) المطبوع في الجزء الثالث من "الفتاوى الكبرى"، ونص العبارة هناك: "أفسد تأويلاً من جهة أن الخمر اسم لكل شراب أسكر كما دلّت عليه النصوص، ومن جهة أن أهل الكوفة من أكثر الناس قياساً".
(٦) قوله: "قد" من (ر) و (غ) فقط.
(٧) قوله: "للنساء" سقط من (خ).
(٨) لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ وقد كان بإحدى يديه حرير وبالأخرى ذهب ـ: "هذان حرامان على ذكور أمتي حلال لإناثهم".
أخرجه عبد بن حميد (٨٠)، وابن أبي شيبة (٨/ ٣٥١)، وأحمد (١/ ٩٦)، والنسائي (٨/ ١٦٠ ـ ١٦١ رقم ٥١٤٤ و٥١٤٥ و٥١٤٦ و٥١٤٧)، وابن ماجه (٣٥٩٥) =