[بيان سنن الصوم]
قال المؤلف: [وسننه ستة: تعجيل الفطر] قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر) متفق عليه، فيستحب تعجيل الفطر، فإذا غربت الشمس استحب لك أن تُفطر.
قال رحمه الله: [وتأخير السحور] ثبت في الصحيحين أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (تسحّرنا مع النبي عليه الصلاة والسلام ثم قمنا إلى الصلاة.
فقيل له: كم كان بينهما؟) يعني: بين فراغكم من السحور وبين القيام للصلاة.
قال: (خمسون آية) وهذا زمن يسير، فدل هذا على استحباب تأخير السحور، والسحور سنة مؤكدة، قال عليه الصلاة والسلام: (السحور بركة) متفق عليه، وفي مسند أحمد (فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء) ولو أن تأكل تمرة أو تجرع جرعة من ماء؛ فإن ذلك يقويك على الصيام، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر).
إذاً: السحور مستحب، ويستحب -كما تقدم- تأخيره.
قال رحمه الله تعالى: [والزيادة في أعمال الخير] في رمضان من قراءة للقرآن، وذكر، وصدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة.
قال رحمه الله: [وقوله جهراً إذا شُتم: إني صائم] لقول النبي عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: (فإن شاتمه أحد فليقل: إني صائم، إني صائم) والحديث متفق عليه، وفي رواية: (إني امرئ صائم).
وظاهره أنه يقول ذلك جهراً لا سراً بحيث يسمعه من سبه أو شتمه، وظاهره -كذلك- أن ذلك في الفرض وفي النفل، ولذا قال المؤلف هنا: [جهراً] وأطلق، يعني: في الفرض وفي النفل، لكن إن خشي على نفسه الرياء في النفل فهنا يقول ذلك سراً يؤدب نفسه بذلك، فيقول ذلك سراً لا جهراً إذا خشي على نفسه الرياء، وأما في الفرض فإنه يقول ذلك مطلقاً، يقول: (إني صائم) في الفرض، وفي النفل إذا لم يخش على نفسه الرياء قال ذلك جهراً، وإذا خشي على نفسه الرياء في النافلة فإنه يقول ذلك سراً.
قال رحمه الله تعالى: [وقوله عند فطره: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت].
هذا الدعاء جاء في سنن أبي داود وعند غيره لكن إسناده ضعيف، [سبحانك وبحمدك اللهم تقبل مني إنك أنت السميع العليم]، هذا من الدعاء المباح، وكذلك قول: (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) إن قال ذلك فلا بأس، لكن لا يتخذ ذلك سنة، والمستحب له أن يقول ما جاء في سنن الدارقطني -والحديث حسن-: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله).
هذا رواه الدارقطني وغيره وهو حديث حسن، أما حديث: (لك صمت وعلى رزقك أفطرت) فإن قاله فحسن، لكن الحديث في سنده ضعف.
قال رحمه الله تعالى: [وفطره على رُطب، فإن عدم فتمر، فإن عدم فماء] فقد جاء في الترمذي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُفطر على رطبات، فإن لم تكن فتمرات، فإن لم تكن حسى حسوات من ماء، والحديث رواه الترمذي وغيره وهو حديث حسن، فيُفطر إما على رطب في أوان الرطب، وإما على تمر، فإن كان في أوان الرطب فالأفضل الرطب؛ لأن الرطب أبرد على المعدة من التمر، فيُفطر على رُطب، فإن لم يكن فعلى تمر، والتمر أصله الرطب وكلاهما حلو، فيسهل هضمهما على المعدة، فينشط البدن سريعاً، فالمستحب له أن يُفطر على رطب، فإن لم يكن فعلى تمر، فإن لم يكن حسى حسوات من ماء، هذا هو المستحب له، لكن لو أفطر على طعام فلا بأس بذلك، لكن الأفضل أن يبدأ بالرُطب فإن لم يكن فبالتمر، فإن لم يكن حسى حسوات من ماء.