[حكم الأكل والتصدق والبيع من الهدي والأضحية]
قال: [وسن له الأكل من هديه التطوع] لفعله عليه الصلاة والسلام فإنه أكل من هديه كما في صحيح مسلم.
قال: [وأضحيته ولو واجبة]، أي يستحب له أن يأكل من أضحيته ولو واجبة، ولو كانت منذورة فإنه يستحب له ذلك كالهدي.
[ويجوز من دم المتعة والقران] إذا كان متمتعاً أو قارناً يجب عليه الهدي فيستحب له أن يأكل من هديه؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، لكن دم ترك الواجب أو فدية الأذى ليس له أن يأكل منه.
فمن حلق رأسه وهو محرم ففدى بالذبح فليس له أن يأكل منه، لأنه للفقراء والمساكين.
وكذلك دم الواجب، فهذا رجل ترك المبيت بمزدلفة، فقال: أذبح ذبيحة أطعم بها أصحابي وآكل معهم منها فليس له ذلك.
إذاً: الدم الذي يكون لترك واجب أو لفدية الأذى لا يأكل منه، لأنه صدقة، أما الهدي فإنه يأكل منه.
قال: [ويجب أن يتصدق بأقل ما يقع عليه اسم اللحم]، أي: يجب أن يتصدق من أضحيته ولو بنصف كيلو؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلوا وتصدقوا) كما في صحيح مسلم، فيتصدق ولو بكيلو واحد أو بنصف كيلو.
بعض الناس يأكلها كلها، أو يضعها في ثلاجة لأهل بيته، وبعضهم يوزعها كلها على أصحابه الأغنياء، وهذا لا يجزئ، لأنه لابد أن يخرج منها صدقة ولو شيئاً يسيراً.
وعلى ذلك فإذا قال: أنا فرقتها وانتهت، نقول: اشتر لحماً من السوق وتصدق به ولو كان شيئاً يسيراً، ولذا قال: (ويجب أن يتصدق بأقل ما يقع عليه اسم اللحم).
قال: [ويعتبر تمليك الفقير فلا يكفي إطعامه] هذا رجل قال: هذه اللحمة كما أعطيها للفقير أطبخها في البيت وأدعوه ليأكل معنا، نقول: هذا لا يجزئ؛ لأن هذا ليس بتمليك، والتمليك أن ترسلها له نيئة أو مطبوخة ليتملكها فإن شاء أكلها وإن شاء باعها.
أما إذا وضعت له الطعام فليس بمالك له، ولذا لو أن رجلاً دعا شخصاً على ذبيحة ثم إنه أخذ الذبيحة التي صنعت له وباعها، لم يصح ذلك، لأنه لا يملك، لكن لو أرسل له طعاماً إلى البيت فباع منه فإن له ذلك؛ لأنه يكون قد ملكه.
[والسنة أن يأكل من أضحيته ثلثها ويهدي ثلثها ويتصدق بثلثها].
هذا هو المروي عن ابن مسعود رضي الله عنه كما حكى ذلك عنه الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وهذا هو الأفضل.
قال: [ويحرم بيع شيء منها حتى من شعرها وجلدها، ولا يعطي الجازر بأجرته منها شيئاً].
إذاً: يحرم أن يبيع من أضحيته ولو شعرها أو جلدها، لأنه صدقة لله، فله أن يأخذ الجلد وينتفع به، أو يأخذ الصوف وينتفع به هو؛ لكن ليس له أن يبيعه.
وقوله: (ولا يعطى الجازر بأجرته شيء)، ولذا جاء عن علي رضي الله عنه كما في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه أن يعطي للجزار منها شيئاً)، قال: نحن نعطيه من عندنا.
لكن لو أعطاه على سبيل الصدقة والهدية فلا بأس.
هذا رجل اتفق مع رجل أن يذبح له أضاحيه، كل ضحية بمائة ريال، فلما أعطاه حقه من الأجرة أعطاه من لحمها، أو أعطاه جلدها، أو أعطاه شعرها، فلا بأس بذلك، ولذا قال المؤلف: [وله إعطاؤه صدقة وهدية]، لا أجرة.