والعقيقة: من العق وهو القطع؛ لأن الذبيحة عند ذبحها تقطع أوداجها، فسميت عقيقة لذلك.
وهذا الاسم الأولى ألا يداوم عليه، بل يسمي به أحياناً من غير مداومة، ولذا جاء في سنن أبي داود والنسائي أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن العقيقة فقال:(إن الله لا يحب العقوق) كأنه كره الاسم عليه الصلاة والسلام.
وقال:(من ولد له ولد فأحب أن ينسك له فلينسك عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة)، وعلى ذلك فإن سماها بالعقيقة لم يكره ذلك على الإطلاق، إنما يكره أن يداوم على ذلك حتى يكون هذا هو الاسم الغالب، وإنما تسمى نسيكة، أو تميمة كما يسميها بعض الناس، يعني: بها أخلاق الولد.
قال:[وهي سنة] هذا هو مذهب الجمهور، وهو الراجح.
وهي -أي: العقيقة أو النسيكة- سنة مؤكدة، هذا هو قول الجمهور وهو الصواب، ويدل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(من ولد له ولد فأحب أن ينسك له) قال: (فأحب) فأرجأ الأمر إلى إرادة المكلف، فدل على أنها سنة مؤكدة.
وقد جاء عند الخمسة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(كل غلام رهينة بعقيقته تذبح يوم سابعه، ويسمى فيه، ويحلق رأسه).
فهي مؤكدة، فكما أن الرهن يحبس عند المرتهن حتى يؤدي الراهن الحق الذي في ذمته، فهي كذلك، بمعنى أنها مؤكدة، وهذا لا يدل على الوجوب، وقد قال عطاء: إن معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (مرتهن بعقيقة) يعني: لا يشفع لوالديه حتى يعق عنه، وقاله الإمام أحمد، قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: وفي ذلك نظر لا يخفى.
وهو كما قال، لأن الولد قد جاءت الأدلة بأنه يشفع لوالديه، وكونه لا يعق عنه مع كونها سنة لا يقتضي أن لا يشفع له، فهي سنة كما تقدم، لكن تكمل بها أخلاق هذا الصبي وتتم، وهي مؤكدة كتأكد الرهن الذي يحفظ به المرتهن حقه عند راهنه.