فلابد من الطهارة من الأحداث الأكبر منها والأصغر، ولابد من الطهارة من النجاسة في ثوبه وفي بدنه، هذا هو قول الجمهور، واستدلوا بقول النبي عليه الصلاة والسلام:(الطواف في البيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه) رواه الترمذي والنسائي.
واستدلوا أيضاً بما ثبت في البخاري أن النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم مكة كان أول شيء بدأ فيه أن توضأ ثم طاف بالبيت، قالوا: وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لتأخذوا عني مناسككم).
والقول الثاني في المسألة وهو قول في المذهب خلافاً للمشهور، واختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، واختاره أيضاً الشيخ محمد بن عثيمين وطائفة من أهل العلم، قالوا: إن الطواف ليس من شروطه الطهارة، وعلى ذلك لو طاف وهو محدث أجزأ ذلك.
واستدلوا بالأصل، فإن الأصل صحة الطواف، والأصل -أيضاً- براءة الذمة من الشروط.
قالوا: وأما حديث: (الطواف بالبيت صلاة) فإنه كقوله عليه الصلاة والسلام: (فإن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة} يعني: هو مأمور بالسمت والسكينة والوقار، كالذي يكون في طريقه إلى المسجد، وكالذي ينتظر الصلاة، قالوا: ويدل على ذلك أن الشخص في طوافه لا ينهى عن الكلام وينهى عنه في الصلاة، ولا ينهى عن الشرب وينهى عنه في الصلاة، ولا يؤمر باستقبال البيت ويؤمر باستقباله في الصلاة، إلى غير ذلك من الأحكام، قالوا: فدل على أنه كقوله عليه الصلاة والسلام: (فإن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة، فلا يشبكن) في بعض الأحاديث.
وأما ما استدلوا به من أن النبي عليه الصلاة والسلام توضأ فنقول: هذا فعل، والفعل عند أهل الأصول لا يدل على الوجوب، وهذا القول أرجح، وإن كان الأحوط له ألا يطوف إلا وهو متطهر، لكن بعض الناس في هذا الزمن مع الزحام الشديد قد يحدث، بأن تخرج منه ريح أو نحو ذلك لا سيما كبير السن والمرأة، ويشق عليه مشقة شديدة أن يذهب إلى دورات المياه ليتوضأ ثم يستأنف الطواف من جديد، هذا فيه مشقة شديدة، وعلى كل حال فإن الذي يترجح هو القول الثاني في هذه المسألة.