للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم من جومع في رمضان]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكذا من جومع إن طاوع] انتهينا من الذي جامع، بقي الذي جومع كالمرأة، قلنا: إن الذي جامع تجب عليه الكفارة إذا أولج -أنزل أم لم ينزل- في أي فرج قُبلاً كان أو دبراً من حيوان أو إنسان، من حي أو ميت، ولكن قلنا: إن الصحيح أن الناسي والجاهل والمكره يعذرون، وننتقل الآن إلى من جومع كالمرأة.

قال رحمه الله تعالى: [وكذا من جومع إن طاوع] الذي يُجامع في قبله أو في دبره -كالمرأة- هذا عليه الكفارة [إن طاوع] يعني: إن كان مختاراً، فإن كان مكرهاً فلا شيء عليه، حتى على المذهب لا شيء عليه، وعلى ذلك فالمرأة لو جامعها زوجها وهي مطاوعة مختارة ليست بمكرهة فما الواجب عليها؟ تجب عليها الكفارة أيضاً، فعلى زوجها كفارة وعليها كفارة.

قال رحمه الله تعالى: [غير جاهل وناس] إن كان جاهلاً أو ناسياً فإنه يعذر، قالوا: المُجامَع يختلف، المُجامَع يُعذر عند الإكراه ويُعذر عند الجهل ويُعذر عند النسيان، وأما المُجامِع الذي يجامع فإنه لا يُعذر، والصحيح أنه يُعذر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان).

إذاً: المرأة عليها كفارة إذا جومعت مطاوعة ولم تكن معذورة، لكن لو كانت المرأة قد طهرت من حيضها فأتاها الرجل وجامعها، فهل عليها كفارة؟ كان معها زوجها الضحى وكانت حائضاً فطهرت في الساعة العاشرة ضحى فاغتسلت لصلاة الظهر فجامعها، هل عليها كفارة؟ لا؛ لأن عليها قضاء هذا اليوم في الأصل، وتقدم أن المرأة إذا طهرت من الحيض لم يجب عليها الإمساك، لكن ليس لها أن تمكنه من نفسها وهو صائم حتى لا تعينه على الإثم، والله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] لكن لو طاوعت فعليها الإثم، وعليها الاستغفار، ولكن لا كفارة عليها، لم؟ لأنه لا يجب عليها الصوم في ذلك اليوم على الصحيح.

وتقدم أن المرأة عليها كفارة إن لم تكن معذورة، إن كانت مطاوعة ومختارة ذاكرة عالمة فعليها الكفارة، فإن قيل: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يوجب في هذا الحديث على المرأة كفارة وإنما أوجب على الرجل! قال له: (هل تجد له رقبة تعتقها؟ قال: لا) فما الجواب؟ نقول: الجواب أن المرأة لم تكن سائل: وإنما السائل هو الرجل، ثانياً: المرأة قد تكون معذورة ولذا لم يتعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم بحكم، ثالثاً: أن حكمها يُعرف بالقياس؛ لأن النساء شقائق الرجال، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (النساء شقائق الرجال) كما لو جاءك شخص وقال: صليت أنا وفلان وفعلنا وفعلنا، والإعادة تلزم الاثنين، فماذا تقول؟ تقول له: أعد، فأين حكم الآخر؟ الآخر لم يسأل؛ لأن حكم هذا يُعرف به حكم الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>