ولهذه القاعدة أمثلة كثيرة جداً نذكر هنا بعضها: رجل عنده بقرة وهي حامل، وكان رجلاً كريماً يكرم أضيافه، وهذا الكرم يقع منه اقتداء بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، فأخذ البقرة وكانت حاملاً فذبحها لأضيافه، فخرج جنين البقرة متكاملاً خلقه من بطن أمه، فوقف الرجل حائراً: أيقدم الجنين ليأكلوه أو يلقيه أو يذبحه؟ فيقال له: إن التابع حكمه حكم المتبوع، والمتبوع هو هنا البقرة الكبيرة والتابع هو الجنين، فتكون ذكاة هذا الجنين هي ذكاة الأم؛ لأنها متبوعة في ذلك.
وهذا هو ما بينه لنا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:(ذكاة الجنين ذكاة أمه)، وعليه فيجوز أكله إلا إذا خرج حياً وخرج إلى المزارع يأكل فلا بد له من ذكاة جديدة.
ومن أمثلة هذه القاعدة: ما لو ذهب رجل يشتري بقرة، فلما اشترى البقرة وجدها حاملاً، فقال له البائع: متى تأخذها؟ قال: بعد أسبوع ساتيك بالثمن وآخذ البقرة.
فهذا العقد صحيح، وبعد مرور المدة المحددة جاء المشتري لأخذ البقرة فوجدها قد ولدت الجنين، فقال: هذه البقرة وجنينها لي، فقال البائع: لا.
أنا أطعمتها طعاماً جيداً فولدت عندي فهي لي، فلما اختلفا قالا: نتحاكم إلى كتاب ربنا وسنة نبينا، فيقول لهم عالم الشريعة: التابع حكمه حكم المتبوع، والجنين تابع لأمه، وهو قد اشتراها وهو في بطنها، فلما ولدته البقرة أصبح حكمه تابعاً لها، فهما للمشتري.
ومن صور هذه القاعدة: ما إذا أراد رجل أن يقترض قرضاً، فذهب إلى رجل يقرضه، لكن هذا الرجل يخشى على ماله، فقال: سأقرضك ما تريد ولكني أريد رهناً يحفظ لي مالي، وقد قال تعالى:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة:٢٨٣].
فأخذ الرجل المال وسلم بقرته رهناً، وكانت البقرة حاملاً، فأخذ المقرض البقرة عنده يطعمها ويسقيها ويشرب من لبنها؛ لأن الغنم بالغرم والخراج بالضمان.
وبعد فترة ولدت، فسمع ذلك المقترض فقال: أعطني نتاج البقرة وأعطيك دينك، وقال المقرض: لن أعطيك ذلك، وإن كان ملكاً لك؛ لأن البقرة رهن وجنينها تابع لها، فهو رهن أيضاً.