رجل معه مال بلغ نصاباً وحال عليه الحول، فذهب فقال: إن الله قد افترض علينا فروضاً، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم).
فقال: هذا المال ليس حقاً لي، هذا المال حق للفقراء، فنزل في الأرض يبحث عن الفقير، فرأى رجلا يرتدي الثياب المرقعة فظن أنه من الفقراء، فقال: هذا صنف من أصناف الزكاة فأعطاه الزكاة، وبعد ثلاثة أيام رآه يركب مركباً ضخماً ورأى خدماً وحشماً خلفه، فلما رآه اندهش، فسأل عنه فقالوا: هذا من أثرياء البلد، فهنا لا تجزئ الزكاة لأنه لا عبرة بالظن البين خطؤه.
لا سيما وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:(لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه) والنبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا في شرع من قبلنا أن رجلاً تصدق على زانية، وتصدق على غني، فوقعت الزكاة ولم يأمر بغيرها، ولا بد أن نعلم أن المسألة خلافية بين العلماء، لكن نحن نطبق القاعدة، وهذا هو الراجح الصحيح، وهو أن الزكاة لا تجزئه؛ لأنه لا عبرة بالظن البين خطؤه؛ لأنه قد استبان له بيقين أنه ليس من أصناف الزكاة، وهو قد أمر شرعاً بأن يخرج الزكاة لصنف من أصناف الزكاة، قال تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}[التوبة:٦٠] وهو ليس من الفقراء فنقول: لا عبرة بالظن البين خطؤه، ولا إثم عليه، لكن عليه إخراج الزكاة مرة ثانية.