ومن الصور التي تطبق عليها هذه القاعدة مسألة الأرض التي فيها ثمر لرجل، ولكنها تطل على بيت لرجل آخر وعنده بنات لا ينتقبن، ويكن في البيت بزي مهنة البيت، فالثمر قد أينع وجاء وقت الحصاد وتسلق الأشجار لجني الثمر، فوقع النظر إلى ذلك البيت؛ ليرى محارم الناس.
وقد يكون هذا الرجل صالحاً، ولكنه ليس بفقيه، فلبس عليه إبليس وأوقعه فيما أوقع فيه برصيصاً العابد فقد كان عابداً زاهداً تقياً ورعاً صالحاً، لكنه لما كان جاهلاً أوقعه الشيطان في الحرام.
فصاحب الأرض لو قيل له: عليك أن تقطع هذه الشجرة، فسيقول: هذا إتلاف لمالي وضرر عليَّ.
فيقال له: إنك أوقعت الضرر بالناس عندما تتسلق هذه الأشجار فتنظر إلى النساء المحرمات عليك.
فسيقول صاحب الأرض: لا ضرار.
وكذلك لو قيل له: لا يجوز أن تتسلق الشجر؛ لأنك تضر الآخرين بالنظر.
لكن نقول: نمنعك فقط من التسلق دون إتلاف مالك، فتأخذ عصا فتنزل بها الثمار دون أن تتسلق.
وكذلك لو قال الفقيه لصاحب البيت: سد نافذة بيتك، لئلا ينظر صاحب الأرض لمحارمك، فسيقول: إن هذا إضرار بي، فالبيت ملكي وأحتاج نافذته لدخول الهواء، والتصرف في الملك لا محظور فيه، فيكون الفقيه هنا قد طبق شطر القاعدة ونسي شطرها الآخر.
بعد ذلك يكون أنسب حل لتطبيق قاعدة لا ضرر ولا ضرار أن نقول لصاحب البيت عليك أن ترفع نافذتك إلى حد بصرك بحيث لا يراك الجار، وما بقي منها يدخل منه الهواء.
ونمنع الرجل من النظر إلى الحرام، فنكون قد طبقنا قاعدة لا ضرر ولا ضرار، فيزول الضرر والضرار.
وهذه بعض صور تطبيقات هذه القاعدة، ولها فروع كثيرة.