أول الأدلة وأقواها على تحريم الحيل وإبطالها: ما رواه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكن امرئ ما نوى)، فهذا دليل على إبطال الحيل، وطالب العلم الذي يستنبط الحكم من الدليل عندما يسال عن وجه الدلالة من الحديث يقول: إن صحة العقود مدارها على النية، وبطلانها مداره على النية كذلك، حتى لو كان ظاهرها الصحة فيكون المعنى: إنما صحة الأعمال بالنيات، وإنما بطلان الأعمال بالنيات كذلك، فالعقود تدور على البواطن أي: على النوايا.
فهذا دليل على إبطال الحيل.
ثاني الدالة على ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قاتل الله اليهود، حرم الله عليهم الشحوم فأذابوه، فجملوه، فباعوه، فأكلوا ثمنه)، فقوله:(قاتل الله اليهود)؛ لأنهم تحايلوا على ما حرم عليهم فاستحلوه كما قال إبراهيم بن أدهم: يتعاملون مع الله كما يتعاملون مع الطفل الصغير.
والعملة الزائفة لا تروج على الله بحال من الأحوال، فلذلك لما حرم الله عليهم أكل الشحوم لم يأكلوه، بل أذابوه فباعوه وأكلوا ثمنه، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم أكل الثمن؛ لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، وهم لما عورضوا بذلك قالوا: ما أكلناه، والتحريم على الأكل فقط، فتحايلوا على الأكل، فأذابوه وباعوه فأكلوا ثمنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(قاتل الله اليهود)؛ لأنهم أتوا أمراً منكراً، ولذلك فالذي يتحايل أعظم جرماً من الذي لا يتحايل ويقع في المحرم صراحة.
ومن الأدلة على إبطال الحيل آثار اختلف في إسنادها وإن صححها بعض المحدثين المحققين، كقول النبي صلى الله عليه وسلم:(يأتي زمان على أمتي يأكلون الربا في البيع، يسمونها بغير اسمها).