قاعدة ما كان أكثر فعلاً كان أكثر فضلاً
القاعدة الثالثة: ما كان أكثر فعلاً كان أكثر فضلاً.
وشرط هذه القاعدة: تساوي الفعلين.
الأمثلة على هذه القاعدة: فصل الوتر أفضل من وصله؛ لأن الوتر له صورتان: الأولى: ثلاث ركعات بتشهد واحد، وهذا مما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.
والحالة الثانية: أن تصليها بالفصل، فتصلي ركعتين، ثم تتشهد، وتسلم، ثم تأتي بالركعة الثالثة، وهنا يأتي تطبيق القاعدة: ما كان أكثر فعلاً كان أكثر فضلاً وثواباً، فالفصل فيه قراءة وركوع وسجود، وفي الركعة الثانية تشهد، ثم تسليم، ثم يقوم بالركعة الثالثة، فيجدد النية ثم تكبيرة إحرام، ثم القراءة، ثم بعد ذلك تشهد أخير، ثم سلام، فزادت النية مع التكبير، وزاد تشهد، وزاد سلام، وكل هذه الزيادات فيها زيادة في الأجر، فما كان أكثر فعلاً كان أكثر فضلاً وثواباً وأجراً، لكن بقيد وشرط هو: تساوي الفعلين.
كذلك الصوم في الصيف أفضل من الصوم في الشتاء، لأن اليوم في الصيف يكون أطول، وأيضاً: شدة الحر والمشقة في الصيف أكثر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أجرك على قدر نصبك ونفقتك).
وأما في الشتاء فالنهار قصير، وأيضاً لا يوجد الحر فلا يكون شاقاً على الإنسان كالصوم في الصيف، ولذلك نحن دائماً ننصح المسافر بالفطر في رمضان إن كان في الصيف، وعليه القضاء في الشتاء عندما يكون النهار قصيراً.
ولذلك يكون أجر الصيام في الصيف أفضل من أجر الصيام في الشتاء.
أيضاً من صور هذه القاعدة: قيام الليل في الثلث الأخير أفضل من القيام في أول الليل، وهذا الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
والوتر أيضاً في آخر الليل أفضل منه أول الليل، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً).
وأيضاً قال الله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا} [المزمل:٦]، هذا فيه دلالة على أن صلاة القيام في الثلث الأخير أفضل من الصلاة في أوله؛ لما في ذلك من ترك الفراش والقيام بين يدي الله.
وهذا الذي أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا يأمره إلا بالأفضل، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ} [الإسراء:٧٩]، والتهجد لا يكون إلا بعد قيام من نوم، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:٧٩].
ومن الأمثلة كما قال السيوطي: إفراد النسكين خير من القران، أي: أن يفرد العمرة في سفرة، ثم يحج في سفرة أخرى، فهذا يكون أفضل، وهذه وجهة نظر أبي بكر وعمر وعثمان؛ لأنهم كانوا يمنعون المتعة ويفضلون الإفراد؛ حتى يكثر عمَّار بيت الله الحرام.