للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القاعدة الفقهية لا عبرة بالظن البين خطؤه]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:١].

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

إن من التقعيد العلمي والقواعد الفقهية: لا عبرة بالظن البين خطؤه.

والمعنى: إذا استيقنا خطأ هذا الظن فلا اعتبار به، ولا تترتب عليه الآثار الشرعية.

والظن هو أحد الأحكام العقلية الخمسة، وهو التردد بين أمرين أحدهما راجح والآخر مرجوح، وإدراك الراجح بدليله هو الظن.

والقاعدة عندنا: لا عبرة بالظن البين خطؤه، فإذا حدث فعل من حكم أو من استحقاق مادة، كأن يكونا رجلين يتخاصمان، ويحكم بالظن لواحد منهما، ثم يظهر أن هذا مخالف للشرع، فيجب عدم ترتب الآثار الشرعية عليه، هذا هو معنى: لا عبرة بالظن البين خطؤه.

يعني: لو حكمت في مسألة، أو في خصومة بحكم نابع عن ظن لرجل كان ألحن بحجته من الآخر مثلاً، ثم ظهر أن هذا الحكم مخالف للشرع، وأن الرجل صاحب الخصومة لا يستحق هذا الحق الذي أخذه، فنقول: لا عبرة بالظن البين خطؤه، والحق لا بد أن يرجع إلى أصحابه.

وأصل ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لعل بعضكم ألحن بحجته من بعض).

وأيضاً: قصة وردت عمن قبلنا، وهي قصة سليمان عليه السلام مع داود، في هذه القصة المشهورة.

فعلى ذلك لا عبرة بالظن البين خطؤه يعني: لو حكمنا حكماً أو فعلنا فعلاً بظنٍ منا أنه يوافق الشرع، فظهر أنه يخالف الشرع، وجب ألا نأخذ به، ووجب أن نرده، ووجب ألا تترتب عليه آثاره الشرعية، كل ذلك بالقاعدة: لا عبرة بالظن البين خطؤه.

<<  <  ج: ص:  >  >>