ومن فروع قاعدة الضرورة تقدر بقدرها: مسألة: تترس الكفار بأسرى المسلمين: وذلك بأن يكون المسلمون في حرب مع الكفار، والكفار أسروا بعض المسلمين فجعلوهم ترساً لهم، فجميع العلماء والفقهاء بأن هذه البلدة إذا لم تفتح، إلا برمي المسلمين مع الكافرين فإنهم يرمونهم وإن قتلوا المسلمين.
فقلنا لهم: إن حرمة دم المسلم معلومة وقطعية من الكتاب والسنة، قالوا: عندنا قاعدة تقول: الضرورات تبيح المحظورات.
قلنا: كيف ذلك؟ قالوا: الآن الضرورة أن ترفع كلمة لا إله إلا الله في بلاد الكفر، وأن نعبد الناس لله لا للبشر، فلا بد أن نخرجهم من الظلمات إلى النور، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله) وإن كان معهم بعض المسلمين، ولا يحدث الفتح ولا النكاية في الكافرين إلا بموت بعض المسلمين معهم، فليموتوا وسيبعثون إلى ربهم على نياتهم، والضرورات تبيح المحظورات.
فنقول لهم: نعم، الضرورات تبيح المحظورات لكنها تقدر بقدرها، وذلك بأن تنظروا أولاً في جميع النواحي لعلكم تجدون ناحية ليس فيها مسلم تدخلون منها، أما إن كانت النواحي كلها فيها مسلمون فارموا، ولكن إذا رميتم وقتلتم فلابد أن تضمنوا الدية لكل مسلم قتلتموه للورثة، فإن لم يكن لهم ورثة، فلا بد أن ترجع إلى بيت مال المسلمين؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها.