في عصرنا نرى أن من المصالح المرسلة: ألا يدخل المرء بحذائه إلى المسجد، فلو دخل به إلى المسجد أفسد، مع أن الشرع أباح له أن يصلي بالنعل، لكن نقول: من باب المصلحة المرسلة أنه لا يصلي بالنعل، ولا بد أن نحافظ على المسجد، ولا يحافظ على المسجد إلا بخلع النعال، فمن المصلحة ألا تدنس المسجد، وقد جاءت قواعد عامة وأصول تشريع تدل على عدم تدنيس المسجد، ومنها:(النخامة في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها) وقال: (أهريقوا على بوله سجلاً من ماء).
فهذه دلالة على أن من أصول الشرع أنك لا تدنس المسجد، أو تدخل بنعال متسخة أو قذرة فتنجس المسجد.
أيضاً من المصالح المرسلة: الميكرفونات، فهي مصلحة لها مصلحة، ألا وهي: إبلاغ وإعلام الناس بالأذان، فهذا يؤدي الغرض بالإعلام، والأذان هو: إيذان الناس بالصلاة.
أيضاً من المصالح المرسلة: فرش المسجد، فما كان المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مفروشاً إلا بالرمال والحصى، ولذلك كان ينهى عن مس الحصى.
ومنها أيضاً: الخط الذي يوضع لتسوية الصفوف، وإن رأى بعض أهل العلم أنه بدعة، لكن نحن نخالف في هذا على أن تمام الصلاة من إقامة الصفوف، واستواء الصفوف واجب من الواجبات إذا لم يكن شرطاً من شروط الصلاة.
فالقاعدة العامة عندنا: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهذه من باب المصالح المرسلة.
أيضاً، المنارات، وإن كانت لم تعرف في القديم، فهي من باب المصالح المرسلة، لإعلام الناس بأن هناك مكاناً يصلى فيه وهو المسجد، والمنارة تثبت ذلك.
فالحق الذي عليه الأئمة الأربعة -وإن كان قد اختلفوا في الاصطلاح على التسمية- الأخذ بالمصالح المرسلة والعمل بها.