الأصل في الأمر الوجوب، أي: أي أمر جاء من الله أو جاء من النبي صلى الله عليه وسلم لابد ويجب على كل امرئ أن يفعل به.
وأدلة ذلك من الكتاب: قول الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور:٦٣]، ولو لم يكن للوجوب ما كان هذا الوعيد الشديد الأكيد، والفتنة: الشرك والزيغ عن الطريق المستقيم والإلحاد؛ لأنه خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه دلالة شديدة جداً وواضحة على الوجوب.
أيضاً: قول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}[الجن:٢٣]، ونار جهنم لا تكون إلا على معصية واجب، ولا يمكن ترك المستحب يستوجب النار، حاشا لله، قال الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم:(هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع، قال: والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دخل الجنة إن صدق)، فهذا رجل ترك المستحبات بأسرها، فالنار لا تكون إلا لمن خالف الواجبات؛ ولذلك قال الله تعالى:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[الجن:٢٣].
وأما من السنة: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، وفي رواية:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)، فوجه الشاهد:(لأمرتهم)، ووجه الدلالة: أنه لو كان واجباً لشق عليهم وأمرهم، أي: لو كان هذا من الواجبات التي أوجبها الله جل وعلا لأمرهم به وشق عليهم، ففيه دلالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم لو قال: أمرتكم، لوجب أن يفعلوا، لكنه خشي أن يشق على أمته فلم يأمرهم، فبالمفهوم أنه لو أمرهم لوجب عليهم أن يستعملوا السواك في كل صلاة وعند كل وضوء، لكن هذا شاق على الأمة، فهذا الحديث يدل على أن الأصل في الأمر الوجوب، وهذا هو الصحيح.
والمسألة فيها خلاف بين العلماء، منهم الواقفة، ومنهم الذين يقولون: الأصل فيه الندب إلا أن تأتي قرينة، والجمهور على أن الأصل في الأمر الوجوب، وهذا الأخير هو الراجح.