السنة مفسرة للقرآن، فهي تبين وتفسر مراد الرب جل وعلا في كتابه، قال الله تعالى:{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل:٤٤].
والقاعدة التي قعدها المحققون من أهل التفسير: أن أفضل التفاسير: تفسير القرآن بالقرآن، ثم تفسير القرآن بالسنة، ثم تفسير القرآن بقول الصحابي، ثم تفسير القرآن باللغة، ولكن بضوابط كما قعدها شيخ الإسلام.
فالسنة مفسرة للقرآن وتبين مراد الله جل وعلا، ومثال ذلك: قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام:٨٢]، فالصحابة شق عليهم الأمر، وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح-: (وأينا لم يظلم نفسه؟) ففهموا من هذه الآية أن الظلم المذكور: الظلم الأصغر والأكبر، فقالوا:(أينا لم يظلم نفسه؟) أي: من منا لم يتعد شرع الله جل وعلا، أو يعصِ الله جل وعلا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ليس ذلك، ثم بين لهم وتلا الآية:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:١٣]) ففسر النبي صلى الله عليه وسلم الآية: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}[الأنعام:٨٢] أي: لم يلبسوا إيمانهم بشرك، وهذا تفسير من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح الذي يفسر القرآن به، وهذا لا يمنع أن المرء الذي ظلم نفسه بالمعاصي لا يكون له الأمن التام، لكن الغرض المقصود أن السنة قد فسرت هذه الآية.
أيضاً قال الله تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}[يونس:٢٦]، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الزيادة: برؤية الله جل وعلا في الجنة.
مثال آخر: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من نوقش الحساب عذب، فقالت عائشة: يا رسول الله! ألم يقل الله جل وعلا: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}[الانشقاق:٨]، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم -مفسراً لهذه الآية أن هذا ليس نقاش حساب-: هذا عرض، ومن نوقش الحساب عذب) ففي هذا دلالة على أن السنة تفسر القرآن، وهذه هي العلاقة الأولى بين السنة والقرآن.