والمحرم أيضاً ينقسم إلى قسمين: محرم لذاته، ومحرم لغيره.
الأول: المحرم لذاته، وهو: ما كان نجساً أو ضاراً، كتحريم أكل الخنزير، فإنه نجس وضار، وأيضاً تحريم أكل الميتة، وتحريم شرب الخمر:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}[البقرة:٢١٩].
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم، فبيع الدم حرام لذاته، إذاً فالعقد فاسد، ولا يمكن أن يترتب عليه آثاره.
فلو ذهب رجل إلى المستشفى كي تستأجر دمه، فتأخذ منه مثلاً نصف كيلو أو تأخذ منه نصف لتر وتعطيه أجرة على ذلك، فهذا تعاقد بين المستأجر (المستشفى) والأجير، وهذا العقد باطل لا تترتب عليه آثاره، أي: لا ينعقد هذا العقد، فالإنسان يتبرع بالدم إن كان مستطيعاً ولا يجوز له بيعه.
إذاً: فالمحرم لذاته إذا عقد عليه فالعقد باطل، وإذا أخذه أو عمل به الذي حرم عليه فإنه يأثم على ذلك.
الثاني: المحرم لغيره لا لذاته، فالمحرم لغيره الأصل فيه الحل والمشروعية، لكن حرم لغيره.
مثال ذلك: بيع العنب لمن يعتصره خمراً، ولا يجوز لك أن تبيع العنب لرجل تعلم أنه سيجعله خمراً.
فأصل بيع العنب حلال، والأصل في المعاملات الحل؛ لقول الله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة:٢٧٥]، فالأصل في البيع الحل، فبيع العنب أصله حلال، لكن حرم لأنه وسيلة إلى المحرم، فالرجل سيأخذه ويعتصره خمراً.
وكذلك الأصل في بيع الذهب أنه حلال، لكن لو باعه لرجل يلبسه فهو حرام؛ (لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم لبس الذهب والحرير على الرجال).
إذاً: فهذا لم يحرم لذاته وإنما حرم لغيره، فالمحرم لغيره هو حلال في أصله، لكنه حرم لأنه وسيلة للمحرم.
وهذا المذهب سأزيده تفصيلاً في مبحث النهي، وهل مطلق النهي يقتضي الفساد إذا كان محرماً لذاته أو محرماً لغيره؟