هل للنبي أن يجتهد أم لا؟ أيضاً خلاف أصولي، والصحيح الراجح من أقوال أهل العلم: أن للنبي أن يجتهد، لكنه لا يقر على خطأ، يعني: إذا اجتهد فأخطأ، فإن الله لا يقره على هذا الخطأ، والأمثلة كثيرة منها: قول الله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}[عبس:١ - ٣] فالنبي صلى الله عليه وسلم اجتهد في دعوة أكابر الناس وفضلاء أهل مكة، حيث كان يرى أنهم إذا آمنوا فالرعاع سينجرون خلفهم، فقال: أنا أنشغل بهؤلاء وأرجئ هذا الضعيف بعد، ثم أرى ما يريد، فعاتبه الله، وبين أن هذا خير من هؤلاء:{عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى}[عبس:١ - ٢].
أيضاً: اجتهاده في أسرى بدر، وقبوله الفداء فعاتبه الله تبارك وتعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ}[الأنفال:٦٧]، وقال:{لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ}[الأنفال:٦٨] إلى آخر الآيات، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك: اجتهاده صلى الله عليه وسلم في الصلاة على المنافقين، لما قال له عمر: ألم ينهك الله جل وعلا عن ذلك، قال: أستغفر لهم أكثر من سبعين مرة، ووافق عمر كتاب الله، فقال الله تعالى:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة:٨٤].