للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطويل .. بل بقي في الظل! فضلا عن بعض الأخطاء الأخرى التي لا مجال هنا للإفاضة في الحديث عنها في هذه العجالة السريعة.

وهذه الملاحظة تبرز مدى المحاكاة والنقل الذي ساد المجتمعات الإسلامية في عصور الركود على وجه الخصوص .. حتى انتهى الأمر إلى مجموعة من الحفظيات يستعرض المفسر من خلالها عشرات الأقوال .. بعيدا عن الصورة القرآنية المحرّكة للنفوس والقلوب والعقول جميعا. حتى إذا صحا العالم الإسلامي على حقيقة أحواله بعيد مداهمة الحضارة الأوروبية الاستعمارية لدياره وعقيدته نهض ليدفع عنه تهمة الجهل بالعلوم الطبيعة والمعارف الإنسانية، وليعيد للشخصية الإسلامية من خلال القرآن الكريم توازنها وفاعليّتها ... إذا به، في أول عهد الصدام، لا يهتدي إلى رسالة القرآن الكبرى، وإلى الغرض الأساس أو الرئيس من نزول الكتاب الكريم، وأنه دستور شامل للحياة الإنسانية، وأنه كتاب هداية وتشريع هدفه إنشاء أمة لها خصائصها ومميزاتها كما قلنا، إذا به لا يهتدي إلى ذلك .. فيضيع البقية الباقية التي انحدرت إلى المفسّرين قبله، أو التي بقوا محافظين عليها، منطلقين في ظلّها، فكتب طنطاوي جوهري (المتوفى سنة ١٣٥٨ هـ- ١٩٤٠ م) كتابا في التفسير فيه كل شيء إلا التفسير! ولكن يمكن اعتبار هذا التفسير أول محاولة أخلّت برتابة كتب التفسير قبله، على فساد هذه المحاولة في المنهج وطريقة العرض .. ثم تبعتها في علامة بارزة أخرى- وفي ذلك الخط البياني- تأويلات الشيخ محمد عبده «وتفسير المنار» أو مدرسة المنار التي حاولت، ونجحت في ذلك إلى حد كبير، في إعادة الوظيفية الاجتماعية للنبوّة الخاتمة في ذلك المناخ الأوروبي والمتغرّب الرافض والمناقض، وشديد الوطأة كما هو معلوم!

وقبل أن ننتقل إلى المحاولة الناضجة الأخيرة أو الأكثر نضجا ووعيا، والمتمثلة في «ظلال القرآن»، والتي سنعرض لها بعد قليل.

<<  <   >  >>